شرح نهج البلاغه (ما سلم من شرح الوبري لنهج البلاغة) - الصفحه 44

قوله: حائكٌ ابنُ حائكٍ
وقال الإِمام الجليل الوبريّ: هذه إِشارة إِلى دناءة حرفته وحرفة أَبيه، وإِنَّما يُعيَّر الإِنسان بدناءة الحرفة ودمامة ۱ الخلقة وخسّة الهمَّة. ولكن هذه المذمَّة تبع لكفره ونفاقه ، فأَمّا في حقّ المؤمن النَّقيّ ومن لا يستحقّ الذَّمّ فلا يجوز تعييره بهذه الاُمور، وعلى هذا قال اللّه تعالى: «وَ لاَ تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ» إِلى قوله: «عُتُلِّم بَعْدَ ذَ لِكَ زَنِيمٍ»۲ . ۳
قوله: غَيْرَ أَنَّ مَنْ نَصَرَهُ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَقُولَ: خَذَلَه مَنْ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ، وَمَنْ خَذَلَهُ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَقُولَ: نَصَرَهُ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي.
قال الإِمام الجليل الوبريّ رحمه الله : معناه: من انتصب لانتصار عثمان بعد قتله لا يمكنه أَن يقول: إِنَّ عليّاً خذل عثمان فلم ينصره ، ونحن نصرناه فنحن خير من عليّ! وذلك أَنَّ عليّاً ما خذل عثمان ، ورمى إِلى داره منديله ، ونادى بصوته وقال: «ذَ لِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّى لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ»۴ . وعرضَ عليٌّ على عثمان نصرتَه ودفاعَه فأَبى عثمان القتال بسبب الدِّفاعِ عنه. وقال عثمان: «لئن ۵ اُقتل قبل سفك الدِّماء أَحبُّ إِليَّ من أَن اُقتَل بَعد سفكِ الدِّماء» . وقال لغلمانه: «من وضع سلاحه منكم ولم يقاتل فهو حرٌّ لوجه اللّه ».
ومن خذله. معناه عند الإِمام الوبريّ أَنَّ من خذل عثمان ولم يهتمّ بشأنه ، لا يمكنه أَن يقول: نصره عليّ ، فلكونه ناصراً هو خير من خاذله ؛ لأَنَّ عليّاً لم يسلّ السَّيفَ بسببِ الدِّفاعِ ؛ لأَنَّ عثمان لم يَسْتَنْصِرْهُ ولم يَقبَل نُصْرَتَه. ۶
قوله: اسْتَأْثَرَ فَأَساءَ الأَثَرَةَ.

1.في «د»: وذمامة ، وهذه النّقطة على الذّال غيّرت معنى الكلمة ، ودَمامة الخلقة: قُبحها.

2.سورة القلم، الآيات ۱۰ ـ ۱۳ ، وتمام الآيات : «وَ لاَ تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَّهِينٍ * هَمَّازٍ مَّشَّآءِم بِنَمِيمٍ * مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ * عُتُلِّم بَعْدَ ذَ لِكَ زَنِيمٍ» .

3.معارج ، ص ۲۷۶.

4.سورة يوسف ، الآية ۵۲ .

5.كلمة «لئن» من «ح» (ج ۱، ص ۲۴۸) و «د» ، وليست في «خ» ، ويصحّ الكلام بدونها.

6.معارج ، ص ۳۰۳.

الصفحه من 80