379
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج2

ألا وإنَّ التَّقوى مَطايا ذُلُلٌ ، حُمِلَ عَلَيها أهلُها ، واُعطوا أزِمَّتَها ، فَأَورَدَتهُمُ الجَنَّةَ . حَقٌّ وباطِلٌ ، ولِكُلٍّ أهلٌ ، فَلَئِن أمِرَ الباطِلُ لَقَديما فَعَلَ ، ولَئِنَ قَلَّ الحَقُّ فَلَرُبَّما ولَعَلَّ ، ولَقَلَّما أدبَرَ شَيءٌ فَأَقبَلَ ! ۱

۱۳۳۹.عنه عليه السلامـ مِن كَلامٍ لَهُ بَعدَما بويِعَ بِالخِلافَةِ ، وقَد قالَ لَهُ قَومٌ مِنَ الصَّحابَةِ ـ: لَو عاقَبتَ قَوما مِمَّن أجلَبَ عَلى عُثمانَ ؟ : يا إخوَتاه ! إنّي لَستُ أجهَلُ ما تَعلَمونَ ، ولكِن كَيفَ لي بِقُوَّةٍ وَالقَومُ المُجلَبونَ ۲ عَلى حَدِّ شَوكَتِهِم ، يَملِكونَنا ولا نَملِكُهُم ؟ !وهاهُم هؤُلاءِ قَد ثارَت مَعَهُم عِبدانُكُم ، وَالتَفَّت إلَيهِم أعرابُكُم ، وهُم خِلالَكُم يَسومونَكُم ما شاؤوا . وهل تَرَونَ مَوضِعا لِقُدرَةٍ عَلى شَيءٍ تُريدونَهُ ؟ ! إنَّ هذَا الأَمرَ أمرُ جاهِلِيَّةٍ . وإنَّ لِهؤُلاءِ القَومِ مادَّةً . إنَّ النّاسَ مِن هذَا الأَمرِ ـ إذا حُرِّكَ ـ عَلى أمورٍ : فِرقَةٌ تَرى ما تَرَونَ ، وفِرقَةٌ تَرى ما لا تَرَونَ ، وفِرقَةٌ لا تَرى هذا ولا ذاكَ ، فَاصبِروا حَتّى يَهدَأَ النّاسُ ، وتَقَعَ القُلوبُ مَواقِعَها ، وتُؤخَذَ الحُقوقُ مُسمَحَةً ، فَاهدَؤوا عَنّي ، وَانظُروا ماذا يَأتيكُم بِهِ أمري ، ولا تَفعَلوا فَعلَةً تُضَعضِعُ قُوَّةً ، وتُسقِطُ مُنَّةً ، وتورِثُ وَهنا وذِلَّةً . وسَاُمسِكُ الأَمرَ مَا استَمسَكَ . وإذا لَم أجِد بُدًّا فَآخِرُ الدَّواءِ الكَيُّ ۳ .

1.نهج البلاغة : الخطبة ۱۶ ، الكافي : ج۸ ص۶۷ ح۲۳ عن عليّ بن رئاب ويعقوب السرّاج عن الإمام الصادق عنه عليهماالسلام وفيه من «ألا وإنّ بليّتكم» وزاد فيه «وفتحت لهم أبوابها ووجدوا ريحها وطيبها وقيل لهم : ادخلوها بسلام آمنين . ألا وقد سبقني إلى هذا الأمر من لم أشركه فيه ومن لم أهبه له ومن ليست له منه نوبة إلّا بنبيّ يبعث ، ألا ولا نبيَّ بعد محمّد صلى الله عليه و آله ، أشرف منه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنّم» بعد «فأوردتهم الجنّة» . قال الشريف الرضي : إنّ في هذا الكلام الأدنى من مواقع الإحسان ما لا تبلغه مواقع الاستحسان ، وإنّ حظّ العجب منه أكثر من حظّ العجب به . وفيه ـ مع الحال الَّتي وصفنا ـ زوائد من الفصاحة لا يقوم بها لسان ، ولا يطّلع فجّها إنسان ، ولا يعرف ما أقول إلّا مَن ضرب في هذه الصناعة بحقّ ، وجرى فيها على عرق ، «وَ مَا يَعْقِلُهَآ إِلَا الْعَــلِمُونَ» (العنكبوت : ۴۳) (نهج البلاغة : ذيل الخطبة ۱۶) .

2.يقال : أجلَبوا عليه ؛ إذا تجمّعوا وتألّبوا (النهاية : ج۱ ص۲۸۲) .

3.نهج البلاغة : الخطبة ۱۶۸ ؛ تاريخ الطبري : ج۴ ص۴۳۷ ، معالم الفتن : ج۱ ص۴۹۹ .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج2
378

ولَئِن رَجَعَت إلَيكُم نُفوسُكُم إنَّكُم لَسُعَداءُ ، وإنّي لَأَخشى أن تَكونوا في فَترَةٍ ، وما عَلَيَّ إلّا الِاجتِهادُ .
ألا إنَّ أبرارَ عِترَتي وأطايِبَ اُرومَتي ، أحلَمُ النّاسِ صِغارا ، وأعلَمُ النّاسِ كِبارا ، ألا وإنّا أهلُ بَيتٍ مِن عِلمِ اللّهِ عَلِمنا ، وبِحُكمِ اللّهِ حَكَمنا ، وبِقَولٍ صادِقٍ أخَذنا ، فَإِن تَتَبَّعوا آثارَنا تَهتَدوا بِبَصائِرِنا ، وإن لَم تَفعَلوا يُهلِككُم اللّهُ بِأَيدينا ، مَعَنا رايَةُ الحَقِّ ، مَن تَبِعَها لَحِقَ ، ومَن تَأَخَّرَ عَنها غَرِقَ ، ألا وبِنا تُدرَكُ تِرَةُ ۱ كُلِّ مُؤمِنٍ ، وبِنا تُخلَعُ رِبقَةُ الذُّلِّ مِن أعناقِكُم ، وبِنا فُتِحَ لا بِكُم ، وبِنا يُختَمُ لا بِكُم ۲ .

۱۳۳۸.عنه عليه السلامـ مِن كَلامِهِ لَمّا بويِعَ فِي المَدينَةِ ـ: ذِمَّتي بِما أقولُ رَهينَةٌ ، وأنَا بِهِ زَعيمٌ ، إنَّ مَن صَرَّحَت لَهُ العِبَرُ عَمّا بَينَ يَدَيهِ مِنَ المَثُلاتِ ، حَجَزَتهُ التَّقوى عَن تَقَحُّمِ الشُّبُهاتِ ، ألا وإنَّ بَلِيَّتَكُم قَد عادَت كَهَيئَتِها يَومَ بَعَثَ اللّهُ نَبِيَّهُ صلى الله عليه و آله ، وَالَّذي بَعَثَهُ بِالحَقِّ لَتُبَلبَلُنَّ بَلبَلَةً ، ولَتُغَربَلُنَّ غَربَلَةً ، ولَتُساطُنَّ ۳ سَوطَ القِدرِ ، حَتّى يَعودَ أسفَلُكُم أعلاكُم ، وأعلاكُم أسفَلَكُم ، ولَيَسبِقَنَّ سابِقونَ كانوا قَصَّروا ، ولَيُقَصِّرَنَّ سَبّاقونَ كانوا سَبَقوا .
وَاللّهِ ما كَتَمتُ وَشمَةً ۴ ، ولا كَذَبتُ كِذبَةً ، ولَقَد نُبِّئتُ بِهذَا المَقامِ وهذَا اليَومِ . ألا وإنَّ الخَطايا خَيلٌ شُمُسٌ حُمِلَ عَلَيها أهلُها ، وخُلِعَت لُجُمُها ، فَتَقَحَّمَت بِهِم فِي النّارِ .

1.التِّرَةُ : الثأر (مجمع البحرين : ج۳ ص۱۹۰۳) .

2.الإرشاد : ج۱ ص۲۳۹ ، نثر الدرّ : ج۱ ص۲۷۰ ؛ البيان والتبيين : ج۲ ص۵۰ كلّها عن أبي عبيدة ، العقد الفريد : ج۳ ص۱۱۹ والثلاثة الأخيرة عن الإمام الصادق عنه عليهماالسلاموفيها من قوله «ألا إنّ أبرار عترتي ...» ، عيون الأخبار لابن قتيبة : ج۲ ص۲۳۶ وفيه إلى «ما أدبر شيء فأقبل» وكلّها نحوه .

3.ساطَ الشيء سوطا : خاضَه وخلَطه وأكثرَ ذلك . وخصّ بعضهم به القِدر إذا خُلِط ما فيها (لسان العرب : ج۷ ص۳۲۵) .

4.أي كلمة (النهاية : ج۵ ص۱۸۹) .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج2
    المساعدون :
    الطباطبائي، السيد محمد كاظم؛ الطباطبائي نجاد، السيد محمود
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الثانية
عدد المشاهدين : 177149
الصفحه من 600
طباعه  ارسل الي