445
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج2

فَإِنَّهُ ذُخرٌ يَعودونَ بِهِ عَلَيكَ في عِمارَةِ بِلادِكَ ، وتَزيينِ وِلايَتِكَ ، مَعَ استِجلابِكَ حُسنَ ثَنائِهِم وتَبَجُّحِكَ بِاستِفاضَةِ العَدلِ فيهِم ، مُعتَمِدا فَضلَ قُوَّتِهِم بِما ذَخَرتَ عِندَهُم مِن إجمامِكَ لَهُم ، وَالثِّقَةَ مِنهُم بِماعَوَّدتَهُم مِن عَدلِكَ عَلَيهِم وَرِفقِكَ بِهِم ، فَرُبَّما حَدَثَ مِنَ الاُمورِ ما إذا عَوَّلتَ فيهِ عَلَيهِم مِن بَعدُ احتَمَلُوهُ طَيِّبَةً أنفُسُهُم بِهِ ؛ فَإِنَّ العُمرانَ مُحتَمِلٌ ما حَمَّلتَهُ ، وإنَّما يُؤتى خَرابُ الأَرضِ مِن إعوازِ أهلِها ، وإنَّما يُعوِزُ أهلُها لِاءِشرافِ أنفُسِ الوُلاةِ عَلَى الجَمعِ وسوءِ ظَنِّهِم بِالبَقاءِ ، وقِلَّةِ انتِفاعِهِم بِالعِبَرِ ۱ .

۱۴۸۷.عنه عليه السلامـ في عَهدِهِ إلى مالِكِ الأَشتَرِ (في رِوايَةِ تُحَفِ العُقولِ) ـ: فَاجمَع إلَيكَ أهلَ الخَراجِ مِن كُلِّ بُلدانِكَ ، ومُرهُم فَليُعلِموكَ حالَ بِلادِهِم وما فيهِ صَلاحُهُم ورَخاءُ جِبايَتِهِم ، ثُمَّ سَل عَمّا يَرفَعُ إلَيكَ أهلُ العِلمِ بِهِ مِن غَيرِهِم ؛ فَإِن كانوا شَكَوا ثِقَلاً أو عِلَّةً مِن انقِطاعِ شِربٍ أو إحالَةِ أرضٍ اغتَمَرَها غَرَقٌ أو أجحَفَ بِهِمُ العَطَشُ أو آفَةٌ خَفَّفتَ عَنهُم ما تَرجو أن يُصلِحَ اللّهُ بِهِ أمرَهُم ، وإن سَأَلوا مَعونَةً عَلى إصلاحِ ما يَقدِرونَ عَلَيهِ بِأَموالِهِم فَاكفِهِم مَؤونَتَهُ ؛ فإِنَّ في عاقِبَةِ كِفايَتِكَ إيّاهُم صَلاحاً ، فَلا يَثقُلَنَّ عَلَيكَ شَيءٌ خَفَّفتَ بِهِ عَنهُمُ المَؤوناتِ ؛ فَإِنَّهُ ذُخرٌ يَعودونَ بِهِ عَلَيكَ لِعِمارَةِ بِلادِكَ ، وتَزيِينِ ولايَتِكَ ، مَعَ اقتِنائِكَ مَوَدَّتَهُم وحُسنَ نِيّاتِهِم ، وَاستِفاضَةَ الخَيرِ ، وما يُسَهِّلُ اللّهَ بِهِ مِن جَلبِهِم ، فَإِنَّ الخَراجَ لا يُستَخرَجُ بِالكَدِّ وَالأَتعابِ ، مَعَ أنَّها عَقدٌ ۲ تَعتَمِدُ عَلَيها إن حَدَثَ حَدَثٌ كُنتَ عَلَيهِم مُعتَمِداً ؛ لِفَضلِ قُوَّتِهِم بِما ذَخَرتَ عَنهُم مِنَ الجَمامِ ۳ ، وَالثِّقَةِ مِنهُم بِما عَوَّدتَهُم مِن عَدلِكَ ورِفقِكَ ، ومَعرِفَتِهِم بِعُذرِكَ فيما حَدَثَ مِنَ الأَمرِ الَّذِي اتَّكَلتَ بِهِ عَلَيهِم ، فَاحتَمَلوهُ بِطيبِ أنفُسِهِم ، فَإِنَّ العِمرانَ مُحتَمِلٌ ما

1.نهج البلاغة : الكتاب ۵۳ وراجع دعائم الإسلام : ج۱ ص۳۶۲ .

2.العُقدة : كلّ شيء يستوثق الرجل به لنفسه ويعتمد عليه (لسان العرب : ج۳ ص۲۹۹) .

3.الجَمام : الراحة (لسان العرب : ج۱۲ ص۱۰۵) .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج2
444

فَإِذا أخَذَها أمينُكَ فَأَوعِز إلَيهِ ألّا يَحولَ بَينَ ناقَةٍ وبَينَ فَصيلِها ، ولا يَمصُرَ ۱ لَبَنَها فَيَضُرَّ ذلِكَ بِوَلَدِها ، ولا يَجهَدَنَّها رُكوبا ، وَليَعدِل بَينَ صَواحِباتِها في ذلِكَ وبَينَها ، وَليُرَفِّه عَلَى اللّاغِبِ .
وَليَستَأنِ بِالنَّقِبِ ۲ وَالظّالِعِ ۳ ، وَليُورِدها ما تَمُرُّ بِهِ مِنَ الغُدُرِ ، ولا يَعدِل بِها عَن نَبتِ الأَرضِ إلى جَوادِّ الطُّرُقِ ، وَليُرَوِّحها فِي السّاعاتِ ، وَليُمهِلها عِندَ النِّطافِ ۴ وَالأَعشابِ ؛ حَتّى تَأتِيَنا بِإِذنِ اللّهِ بُدَّناً مُنقِياتٍ غَيرَ مُتعَباتٍ ولا مَجهوداتٍ ، لِنَقسِمَها عَلى كِتابِ اللّهِ وسُنَّةِ نَبِيِّهِ صلى الله عليه و آله ؛ فَإِنَّ ذلِكَ أعظَمُ لِأَجرِكَ ، وأقرَبُ لِرُشدِكَ ، إن شاءَ اللّهُ ۵ .

۱۴۸۶.عنه عليه السلامـ في عَهدِهِ إلى مالِكٍ الأَشتَرٍ ـ: وتَفَقَّد أمرَ الخَراجِ بِما يُصلِحُ أهلَهُ ؛ فَإِنَّ في صَلاحِهِ وصَلاحِهِم صَلاحا لِمَن سِواهُم ، ولا صَلاحَ لِمَن سِواهُم إلّا بِهِم ؛ لِأَنَّ النّاسَ كُلَّهُم عِيالٌ عَلَى الخَراجِ وأهلِهِ . وَليَكُن نَظَرُكَ في عِمارَةِ الأَرضِ أبلَغَ مِن نَظَرِكَ فِي استِجلابِ الخَراجِ ، لِأَنَّ ذلِكَ لا يُدرَكُ إلّا بِالعِمارَةِ ؛ ومَن طَلَبَ الخَراجَ بِغَيرِ عِمارَةٍ أخرَبَ البِلادَ ، وأهلَكَ العِبادَ ، ولَم يَستَقِم أمرُهُ إلّا قَليلاً . فَإِن شَكَوا ثِقَلاً أو عِلّةً ، أوِ انقِطاعَ شِربٍ أو بالَّةٍ ، أو إحالَةَ أرضٍ اِغتَمَرَها غَرَقٌ ، أو أجحَفَ بِها عَطَشٌ ، خَفَّفتَ عَنهُم بِما تَرجُو أن يَصلُحَ بِهِ أمرُهُم ؛ ولا يَثقُلَنَّ عَلَيكَ شَيءٌ خَفَّفتَ بِهِ المَؤونَةَ عَنهُم ،

1.المَصْر : حلبُ كلّ ما في الضرع ، وفي حديث عليّ عليه السلام : «ولا يمصر لبنها» يريد : لايكثر من أخذ لبنها (لسان العرب : ج۵ ص۱۷۵) .

2.النَّقَب : رقّة الأخفاف ، نَقِبَ البعيرُ ينقَبُ فهو نَقِبٌ ، وفي حديث علي عليه السلام : «وليستأنِ بالنَّقِب والظالِع» أي يَرفُق بهما ، ويجوز أن يكون من الجَرَب (لسان العرب : ج۱ ص۷۶۶) .

3.الظالِع : المائل ، والظَّالَع : الاعوجاج خِلقة يكون في المشي مع المَيل (لسان العرب : ج۸ ص۲۲۷) .

4.النُّطفة والنُّطافة : القليل من الماء (لسان العرب : ج۹ ص۳۳۵) .

5.نهج البلاغة : الكتاب ۲۵ ، الكافي : ج۳ ص۵۳۶ ح۱ ، تهذيب الأحكام : ج۴ ص۹۶ ح۲۷۴ كلاهما عن بريد بن معاوية ، المقنعة : ص۲۵۵ عن بريد العجلي ، الغارات : ج۱ ص۱۲۶ عن عبد الرحمن بن سليمان وكلّها عن الإمام الصادق عنه عليهماالسلامنحوه .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج2
    المساعدون :
    الطباطبائي، السيد محمد كاظم؛ الطباطبائي نجاد، السيد محمود
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الثانية
عدد المشاهدين : 177143
الصفحه من 600
طباعه  ارسل الي