421
موسوعة العقائد الإسلاميّة ج1

«وَ يَجْعَلُونَ لِمَا لَا يَعْلَمُونَ نَصِيبا مِّمَّا رَزَقْنَـهُمْ تَاللَّهِ لَتُسْـئلُنَّ عَمَّا كُنتُمْ تَفْتَرُونَ» . ۱

تعليق :

إنّ المعتقدات الجاهليّة التي كانت تسود أوساط المجتمع العربي الجاهلي دفعت العرب ـ باعتبارهم يؤمنون بوجود شركاء للّه (الأصنام) ـ إلى بناء بيوت للآلهة والأصنام وتوفير المعاش لسدنتها وإشراكهم في حياتهم وأرزاقهم وممتلكاتهم من الزرع والماشية وتعيين سهم لهم إلى جانب سهم اللّه ، وجعلوا سهم اللّه ، للنفقات العامّة كإطعام الضيف وابن السبيل ، في حين جعلوا سهم الأصنام تحت تصرّف السدنة .
وكان السدنة الطمّاعون كلّما أصابت الزرع آفة أو أعطى محصولًا أقلّ أو اختلط سهمهم بسهم اللّه ، يتذرّعون بخدعة مفادها «إنّ اللّه غنيّ» ، فيستوفون سهمهم كاملًا غير منقوص ، ويعوّضون نقص أسهمهم من سهم اللّه ، ولا يعوّضون بأيّ حال من الأحوال سهم اللّه من سهم الأصنام .
ربّما كانت الزيادة والنقصان في المحصول تقع أحيانا نتيجة لأساليب التحايل التي سبقت الإشارة إليها ، وهي أنّ الماء كان إذا انساب عند السقي من الأرض التي زرع فيها سهم اللّه إلى الأرض التي فيها سهم الأصنام لم يكونوا يحولون دونه ، وإذا حصل العكس كانوا يمنعونه .
إنّ هذه السنّة البالية كانت سائدة أيضا في المشاركة في الماشية وتقسيمها ، وهو ما اُشير إليه في الفصل السابق .

راجع : مجمع البيان : ج 4 ص 571 ، تفسير القمّيّ : ج 1 ص 217 ؛ تفسير الطبريّ : ج 5 الجزء 8 ص 40 ، الدرّ المنثور : ج 3 ص 362 ، المفصّل في تاريخ العرب قبل الإسلام : ج 6 ص 193 .

1.النحل : ۵۶ .


موسوعة العقائد الإسلاميّة ج1
420

ووبرها وظهرها على الكثير من الناس ، فيما أباحها للبعض الآخر كسدنة بيوت الأصنام وخدّامها .
لقد اقترنت هذه البدعة بنظرة الاستخفاف التي كان العرب يعاملون بها المرأة ، فنجم عن ذلك تشديد هذا الحكم على النساء ، فكان لا يحقّ لهنّ أكل لحم هذه الإبل إلّا بعد موتها .
وكان من نتيجة هذا التقليد أنّ السدنة وخدمة الأصنام اُبيحت لهم الاستفادة من المراعي والعيون والآبار على ندرتها في الجزيرة العربيّة ، ونجم عن ذلك أيضا أنّهم صاروا ينذرون الإبل للأصنام وسدنتها من باب الشكر أو لقضاء حاجة معيّنة ، إلّا أنّ القرآن انبرى لمحاربة هذه البدعة الجاهليّة بأربع آيات بيّنات ، واعتبر ـ في سياق مكافحته لعبادة الأصنام والسنن البالية المرتبطة بها ـ هذه الادّعاءات افتراءات محضة ، وفَضَحَ حقيقة سدنة الآلهة والأصنام وعبدتها ، وأعلن أنّ تحريم الإبل وتحليلها منوط بحكم اللّه سبحانه وتعالى الذي لم يحرّم هذه الأنواع الأربعة من الإبل ، وإنّما حرّم ـ وخلافا لمعتقدات العرب في الجاهليّة ـ الميتة وما اُهلّ لغير اللّه به .

و ـ تَقسيمُ الحَرثِ وَالأَنعامِ بَينَ اللّهِ وَالأَصنامِ

«وَجَعَلُواْ لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَـمِ نَصِيبا فَقَالُواْ هَـذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَـذَا لِشُرَكَائِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلَا يَصِلُ إلَى اللَّهِ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إلَى شُرَكَائِهِمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ» . ۱

«وَقَالُواْ هَـذِهِ أنْعَـمٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لَا يَطْعَمُهَا إلَا مَن نَّشَاءُ بِزَعْمِهِمْ وَأنْعَـمٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا وَأنْعَـمٌ لَا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا افْتِرَاءً عَلَيْهِ سَيَجْزِيهِم بِمَا كَانُواْ يَفْتَرُونَ» . ۲

1.الأنعام : ۱۳۶ .

2.الأنعام : ۱۳۸ .

  • نام منبع :
    موسوعة العقائد الإسلاميّة ج1
    المساعدون :
    برنجکار، رضا
    المجلدات :
    6
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق / 1387 ش
    الطبعة :
    الثالث
عدد المشاهدين : 199253
الصفحه من 480
طباعه  ارسل الي