15
موسوعة العقائد الإسلاميّة ج2

بِأعجَبَ مِن ذلِكَ ؟ قَومٌ عَلِموا ما جَهَلَ هؤلاءِ ثُمَّ جَهَلوا كَجَهلِهِم» 1 .
إنّ هذا الكلام يعبّر لنا عن مصير العلم في واقعنا المعاصر ، فالعالَم المتحضّر ذو العلم اليوم يعاني من الجهل حقّا ، وهو ضحيّة جهله ! وهكذا فعلم البشريّة يغزو الفضاء ويصل إلى القمر لكنّه عاجز عن أداء أقلّ دورٍ في حركة الإنسان نحو الكمال المطلق ووعي الإنسانيّة وتكاملها!

خصائص جوهر العلم

خصائص جوهر العلم ۲ وآثاره وعلاماته، في القرآن والأحاديث، تماثل خصائص حقيقة الحكمة ۳ وجوهر العقل ۴ وآثارهما وعلاماتهما ، وهذا التماثل يساعد كثيرا في طريق معرفة حقيقة العلم والعقل من منظار الإسلام ، سنكتفي فيما يأتي بالإشارة إلى فهرس لأهمّ هذه الخصائص :

1 . نور العلم متأصّل في فطرة الإنسان

إنّ الأحاديث التي ترى أنّ العلم «مجبول في القلب» ۵ ، أو التي تقسّمه إلى «مطبوع ومسموع» ۶ ، أو التي تعبّر عنه بالنور الذي يقذفه اللّه في قلب من يشاء ۷ ، وكذلك جميع الآيات والروايات التي ترى أنّ معرفة اللّه فطريّة ۸ ، كلّ اُولئك يشير إلى هذه الخاصيّة .

1.راجع : ص ۴۸۰ ح ۳۲۴۱.

2.راجع : ص ۲۱ «الفصل الأوّل : حقيقة العلم» .

3.راجع : ص ۷۱ «تحقيق في معنى الحكمة وأقسامها» .

4.راجع : ج ۱ ص ۱۷۱ «الفصل الأوّل: معرفة العقل» وص ۲۴۳ «الفصل الخامس: علامات العقل» .

5.راجع : ص ۲۱ «الفصل الأوّل : حقيقة العلم» .

6.راجع: مبانى خداشناسى (بالفارسية) للمؤلّف .


موسوعة العقائد الإسلاميّة ج2
14

أهو علم ونور هذا الذي يسوق المجتمع شطر الفساد والضياع ، أم هو الجهل والظلمة ؟
هنا يستبين معنى الكلام النبويّ الدقيق ، إذ قال صلى الله عليه و آله :
«إنَّ مِنَ العِلمِ جَهلاً» 1
.

يثار هنا سؤال يقول : كيف يصير العلم جهلاً ألا يعني هذا تناقضا في الكلام
بيد أنّنا إذا تأمّلنا فيه تبيّن لنا أنّه ليس تناقضا في الكلام ، بل هو كلام دقيق ذو مغزى .
عندما يفقد العلم جوهره وخاصيّته ، فهو والجهل سواء . ولذا قال الإمام عليّ عليه السلام :
«لا تَجعَلوا عِلمَكُم جَهلاً» 2 .
أي لا تتصرّفوا تصرّفا يُفقد العلم خاصّيّته ، ويسلب منه اسمه الصحيح .
لقد مُني العلم اليوم بهذا المصير المشؤوم بعد فقده جوهره واتّجاهه المستقيم السديد ، فأصبح كالجهل قاتلاً ، مُفسدا ، مدمِّرا ، بل أصبح أشدّ ضررا من الجهل!
ما أروع كلام الإمام عليّ عليه السلام وما أدقّه ! إذ قال :
«رُبَّ عالِمٍ قَتَلَهُ جَهلُهُ ، وعِلمُهُ مَعَهُ لا يَنفَعُهُ» 3 .
إنّ المصير المؤسف للعالِم الذي يهلك من جهله عجيب حقّا ، فعند ما حدّث سعد بن أبي وقّاص رسول اللّه صلى الله عليه و آله مرّةً ، بما جرى له في سفره ، قال له مصوّرا جهل القوم المرسل إليهم : أتيتك من قومٍ هم وأنعامهم سواء ! فقال له صلى الله عليه و آله : «يا سَعدُ ، ألا اُخبِرُكَ

1.راجع : ص ۴۷۹ «العالم بلا عمل جاهل» .

2.راجع : ص ۴۸۰ ح ۳۲۴۳.

3.راجع : ص ۴۸۰ ح ۳۲۴۵.

  • نام منبع :
    موسوعة العقائد الإسلاميّة ج2
    المساعدون :
    برنجکار، رضا؛المسعودي، عبدالهادي
    المجلدات :
    5
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق / 1387 ش
    الطبعة :
    الثالث
عدد المشاهدين : 107883
الصفحه من 511
طباعه  ارسل الي