191
موسوعة العقائد الإسلاميّة ج2

استقصاء دقيق نستنتج أنّ موانع نور العلم والحكمة جميعها تتّصل بجذر أصليّ واحد ، هو غلبة الهوى ، من هنا أوردنا الهوى في صدر موانع المعرفة .
إنّ الهوى عاصفة تثير غبارا يحمل صنوفا من الأسواء ، وهذا الغبار يُسوّد مرآة القلب ، ويحرم الإنسان من نور العلم والحكمة ، وهكذا يضلّ في الطريق وهو يعلم ! أنّه يضلّ كما قال اللّه سبحانه وتعالى : «أَفَرَءَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَـهَهُ هَوَاهُ وَ أَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَ خَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَ قَلْبِهِ وَ جَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَـوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ»۱ .
من هذا المنطلق ، يصبح قطع دابر الهوى ضروريّا لمقارعة حُجُب نور العلم والحكمة ۲ .

المسألة الثالثة : مبادئ الوسوسة

النقطة المهمّة الأُخرى اللّافتة للنّظر في دراسة هذا الفصل هي أنّ موانع نور العلم والحكمة تُعدّ مبادئ لوساوس الشّيطان أيضا ، وهذه الحُجُب لا تحرم الإنسان من المعارف الحقيقيّة والإلهامات الرّبانية فحسب ، بل تجعله عرضة لهمزات الشّياطين وما ينبثق عنها من أحاسيس وإدراكات كاذبة ، لذا فقد ورد في الرّوايات الّتي مرّت بنا أنّ الهوى والكِبْر كما أنّهما آفتان للعقل كذلك شراكان للشيطان أيضا ۳ . وفي هذا المجال جاء في مناجاة «الشاكين» المنسوبة إلى الإمام زين العابدين عليه السلام :

1.الجاثية : ۲۳ .

2.راجع : ص ۱۶۳ «الفصل الأوّل: حُجب العلم والحكمة» .

3.راجع : ص ۱۶۳ «اتباع الهوى» و ۱۷۷ «الكبر» .


موسوعة العقائد الإسلاميّة ج2
190

الخمر ۱ . هذه الحُجُب تحرم الفكر من التّشخيص الصحيح للحقائق العقليّة ، وتمنع القلب من بركات الإلهامات والإرشادات الغيبيّة الإلهيّة .
المجموعة الثّالثة : حُجُب العلم الحقيقيّ ۲ أو موانع نور العلم والحكمة ، مثل : الظّلم ، والكفر ، والإسراف ، والفِسق ، والذنب عامّةً ۳ . هذه الحُجُب تُظلم مرآة القلب ، وتُمرض الرّوح ، وتحرم المرء من جوهر العلم والحكمة وانوارهما وإن كان ذا درجات عالية في العلوم الرّسميّة، وإذا أزمن هذا المرض ، فسد جوهر مرآة القلب ، وخرج الإنسان بالضرورة من مدار الهداية الإلهيّة ، ومُني بالضّياع في وادي الضّلالة الأبديّة . قال تعالى واصفا هؤلاء : «كَلَا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ * كَلَا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَـئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ»۴ . وقال سبحانه : «لَهُمْ قُلُوبٌ لَايَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَايُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ ءَاذَانٌ لَايَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَـئِكَ كَالأَْنْعَـمِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَـفِلُونَ»۵ .
إنّ القراءة الدقيقة لهذا الفصل تدلّ على أنّ القرآن الكريم والحديث الشّريف قد أكّدا ـ في مبحث موانع المعرفة ـ هذه المجموعة من الحُجُب .

المسألة الثّانية: أصل حُجُب نور العلم والحكمة

أشرنا إلى أنّ الظّلم ، والكفر ، والإسراف ، والفِسق ، وبعامّة : كلّ ما عدّه الإسلام ذنبا ، هي موانع نور العلم والحكمة ، والنقّطة المهمّة اللافتة للنّظر هي إنّنا إذا توفّرنا على

1.راجع : ص ۱۷۸ «العجب» و ۱۷۹ «الغرور» و ۱۸۱ «الغضب» و ۱۸۳ «الاستبداد» و ۱۸۳ «التعصب» و۱۸۵ «شرب الخمر» و ۱۸۶ «كثرة الأكل» .

2.راجع : ص ۹ «تحقيق في معنى العلم» .

3.راجع : ص ۱۶۹ «الذنب» و ۱۷۲ «الظلم» و ۱۷۳ «الكفر» و ۱۷۴ «الفسق» و«الاسراف» .

4.المطفّفين: ۱۴، ۱۵ .

5.الأعراف : ۱۷۹ .

  • نام منبع :
    موسوعة العقائد الإسلاميّة ج2
    المساعدون :
    برنجکار، رضا؛المسعودي، عبدالهادي
    المجلدات :
    5
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق / 1387 ش
    الطبعة :
    الثالث
عدد المشاهدين : 132873
الصفحه من 511
طباعه  ارسل الي