205
موسوعة العقائد الإسلاميّة ج2

شرطان أساسيّان لتأثير هذا الدّواء ، أوّلهما : التّدبّر فإنّه روي عن الإمام عليّ عليه السلام «لاخَيرَ في قِراءَةٍ لَيسَ فيها تَدَبُّرٌ»۱. وثانيهما : الاجتناب عن حُجُب المعرفة ولو مؤقّتا ، فإذا قرأ أحدٌ القرآنَ بتدبّر ولم يجتنب عن الظّلم ، والتّعصّب ، والاستبداد والكبر ، والعُجب ، وشرب الخمر ، فتلاوته غير شافية قال اللّه سبحانه : «إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِى الْقَوْمَ الظَّــلِمِينَ»۲ . «إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِى الْقَوْمَ الْفَـسِقِينَ»۳ .
إنّ القرآن هدىً ، ولكنّه هدىً لمن أزال عن طريقه حُجُب الهدى الّتي هي حُجُب العلم والحكمة نفسها : «ذَ لِكَ الْـكِتَـبُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ»۴ . وإذا فقد التّالي شروط التّلاوة ، فالقرآن لا يشفيه ولا يزيل الحُجُب عن قلبه بل يضيف حجابا إلى تلك الحُجب ، قال تعالى : «وَ نُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْءَانِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَ رَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَ لَا يَزِيدُ الظَّــلِمِينَ إِلَا خَسَارًا»۵ . ومثل هذا القارئ لا تشمله رحمة الحقّ ، بل تلاحقه لعنة القرآن . قال النبيّ صلى الله عليه و آله : «رُبَّ تالٍ لِلقُرآنِ وَالقُرآنُ يَلعَنُهُ»۶.
وهكذا سائر أدوية العلم والحكمة فلها شروطها الخاصّة بها ، ونرجئ الحديث عنها إلى وقت آخر .

4 . أُصول أدوية المعرفة

إنّ ما ذُكر في هذا الفصل بوصفه دواءً للمعرفة يعود إلى عاملين : أحدهما القرآن، ويمكن أن نطلق عليه اصطلاح «الدّواء التّشريعيّ» ، والآخر البلاء ، وهو

1.بحارالأنوار : ج ۹۲ ص ۲۱۱ ح ۴ .

2.الأنعام : ۱۴۴، القصص: ۵۰ ، الأحقاف : ۱۰ .

3.المنافقون : ۶ .

4.البقرة : ۲ .

5.الإسراء: ۸۲ .

6.جامع الأخبار : ص ۱۳۰ ح ۲۵۵ ، بحارالأنوار : ج ۹۲ ص ۱۸۴ ح ۱۹ .


موسوعة العقائد الإسلاميّة ج2
204

عناوين صريحة كالقرآن ، والتّقوى ، والذّكر ، الّتي تقوم بدور مؤثّر في الإلهامات الإلهيّة والمعارف الحقيقيّة ، وما حدانا على ذكر هذه الأُمور بوصفها دواءً هو دورها في علاج أدواء الرّوح وتمزيق حُجُب المعرفة ، والنّصّ على هذا الدّور في كثير من الآيات والرّوايات ۱ .

2 . نطاق تأثير أدوية المعرفة

إنّ النّقطة الأُخرى الجديرة بالتّأمّل فيما يرتبط بأدوية المعرفة هي : أيّ مجموعة من حُجُب المعرفة يمكن ازالتها بواسطة هذه الأدوية هل هي كلّها هل يمكن معالجة الموانع الحسّيّة وحُجُب العلوم الرّسميّة بهذه الأدوية وأخيرا ما المدى الّذي يبلغه تأثير أدوية المعرفة .
وجوابنا أنّ التّأمّل في الآيات والأحاديث الواردة في هذا المجال تدلّ على أنّ هذه الأدوية تتعلّق بالمجموعة الثّالثة من حُجُب العلم والحكمة ، أي : حُجُب العلم الحقيقيّ . وإن كنّا لا ننكر تأثيرها الإجماليّ في إزالة بعض حُجُب العلوم الرّسميّة .

3 . كيفيّة استعمال أدوية المعرفة

النّقطة الثّالثة هي : كيف نستعمل أدوية المعرفة وفي أيّ ظروف تؤثّر هذه الأدوية في تمزيق الحُجُب
لا يسعنا الجواب عن هذا السّؤال الآن مفصّلاً ، بَيْد أنّا نقول بإجمال : إنّ لاستعمال كلّ واحدٍ من هذه الأدوية شروطه ، فإذا تهيّأت أمكننا أن نتوقّع التّأثير ، فعلى سبيل المثال ، تلاوة القرآن تزيل صدأ حُجُب المعرفة من مرآة الرّوح ، وتصقل القلب ، وتُعدّه للإفادة من الإفاضات الغيبيّة والإلهامات الإلهيّة ، ولكنْ ثمّة

1.راجع : ص ۱۹۳ «القرآن» و ۱۹۵ «التقوى» و ۱۹۶ «الذكر» .

  • نام منبع :
    موسوعة العقائد الإسلاميّة ج2
    المساعدون :
    برنجکار، رضا؛المسعودي، عبدالهادي
    المجلدات :
    5
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق / 1387 ش
    الطبعة :
    الثالث
عدد المشاهدين : 107825
الصفحه من 511
طباعه  ارسل الي