279
موسوعة العقائد الإسلاميّة ج2

قالَ : اُدخُل عَلى بَرَكَةِ اللّهِ ، فَدَخَلتُ وسَلَّمتُ عَلَيهِ ، فَرَدَّ عَلَيَّ السَّلامَ.
وقالَ : اِجلِس غَفَرَ اللّهُ لَكَ ، فَجَلَستُ ، فَأَطرَقَ مَلِيًّا ثُمَّ رَفَعَ رَأسَهُ.
وقالَ : أبو مَن ؟
قُلتُ : أبو عَبدِاللّهِ .
قالَ : ثَبَّتَ اللّهُ كُنيَتَكَ ووَفَّقَكَ لِمَرضاتِهِ .
قُلتُ في نَفسي : لَو لَم يَكُن لي مِن زِيارَتِهِ وَالتَّسليمِ عَلَيهِ غَيرُ هذَا الدُّعاءِ لَكانَ كَثيراً ، ثُمَّ أطرَقَ مَلِيًّا ثُمَّ رَفَعَ رَأسَهُ.
فَقالَ : يا أبا عَبدِاللّهِ ما حاجَتُكَ؟
قُلتُ : سَأَلتُ اللّهَ أن يَعطِفَ قَلبَكَ عَلَيَّ ويَرزُقَني مِن عِلمِكَ ، وأرجو أنَّ اللّهَ تَعالى أجابَني فِي الشَّريفِ ما سَأَلتُهُ .
فَقالَ : يا أبا عَبدِ اللّهِ ، لَيسَ العِلمُ بِالتَّعَلُّمِ ، إنَّما هُوَ نورٌ يَقَعُ في قَلبِ مَن يُريدُ اللّهُ تَبارَكَ وتَعالى أن يَهدِيَهُ ، فَإِن أرَدتَ العِلمَ فَاطلُب أوَّلًا مِن نَفسِكَ حَقيقَةَ العُبودِيَّةِ ، وَاطلُبِ العِلمَ بِاستِعمالِهِ ، وَاستَفهِمِ اللّهَ يُفهِمكَ .
قُلتُ : يا شَريفُ .
فَقالَ : قُل يا أبا عَبدِاللّهِ .
قُلتُ : يا أبا عَبدِاللّهِ ، ما حَقيقَةُ العُبودِيَّةِ ؟
قالَ : ثَلاثَةُ أشياءَ : أن لا يَرَى العَبدُ لِنَفسِهِ فيما خَوَّلَهُ اللّهُ إلَيهِ مِلكاً ؛ لِأَنَّ العَبيدَ لا يَكونُ لَهُم مِلكٌ ، يَرَونَ المالَ مالَ اللّهِ يَضَعونَهُ حَيثُ أمَرَهُمُ اللّهُ تَعالى بِهِ ، ولا يُدَبِّرُ العَبدُ لِنَفسِهِ تَدبيراً ، وجُملَةُ اشتِغالِهِ فيما أمَرَهُ اللّهُ تَعالى بِهِ ونَهاهُ عَنهُ ، فَإِذا لَم يَرَ


موسوعة العقائد الإسلاميّة ج2
278

۲۳۸۸.عنه عليه السلام :شاوِر في أمرِكَ الَّذينَ يَخشَونَ اللّهَ تَعالى ، وطَلَبُ العِلمِ مِن أعلَى الاُمورِ وأصعَبِها ، فَكانَتِ المُشاوَرَةُ فيهِ أهَمَّ وأوجَبَ. ۱

۲۳۸۹.مشكاة الأنوار عن عنوان البصريّـ وكانَ شَيخاً كَبيراً قَد أتى عَلَيهِ أربَعٌ وتِسعونَ سَنَةً ـ: كُنتُ أختَلِفُ إلى مالِكِ بنِ أنَسٍ سِنينَ ، فَلَمّا حَضَرَ جَعفَرٌ الصّادِقُ عليه السلام المَدينَهَ اختَلَفتُ إلَيهِ وأحبَبتُ أن آخُذَ عَنهُ كَما أخَذتُ مِن مالِكٍ ، فَقالَ لي يَوماً : إنّي رَجُلٌ مَطلوبٌ ومَعَ ذلِكَ لي أورادٌ في كُلِّ ساعَةٍ مِن آناءِ اللَّيلِ وَالنَّهارِ فَلا تَشغَلني عَن وِردي فَخُذ عَن مالِكٍ وَاختَلِف إلَيهِ كَما كُنتَ تَختَلِفُ إلَيهِ .
فَاغتَمَمتُ مِن ذلِكَ وخَرَجتُ مِن عِندِهِ وقُلتُ في نَفسي : لَو تَفَرَّسَ فِيَّ خَيراً لَما زَجَرَني عَنِ الاِختِلافِ إلَيهِ وَالأَخذِ عَنهُ ، فَدَخَلتُ مَسجِدَ الرَّسولِ صلى الله عليه و آله وسَلَّمتُ عَلَيهِ ، ثُمَّ رَجَعتُ مِنَ القَبرِ إلَى الرَّوضَةِ وصَلَّيتُ فيها رَكعَتَينِ وقُلتُ : أسأَلُكَ يا اللّهُ يا اللّهُ أن تَعطِفَ عَلَيَّ قَلبَ جَعفَرٍ وتَرزُقَني مِن عِلمِهِ ما أهتَدي بِهِ إلى صِراطِكَ المُستَقيمِ .
ورَجَعتُ إلى داري مُغتَمّا حَزيناً ولَم أختَلِف إلى مالِكِ بنِ أنَسٍ لِما اُشرِبَ قَلبي مِن حُبِّ جَعفَرٍ ، فَما خَرَجتُ مِن داري إلّا إلَى الصَّلاةِ المَكتوبَةِ حَتّى عيلَ صَبري ، فَلَمّا ضاقَ صَدري تَنَعَّلتُ وتَرَدَّيتُ وقَصَدتُ جَعفَرًا ، وكانَ بَعدَما صَلَّيتُ العَصرَ ، فَلَمّا حَضَرتُ بابَ دارِهِ استَأذَنتُ عَلَيهِ فَخَرَجَ خادِمٌ لَهُ .
فَقالَ : ما حاجَتُكَ ؟
فَقُلتُ : السَّلامُ عَلَى الشَّريفِ .
فَقالَ : هُوَ قائِمٌ في مُصَلّاهُ ، فَجَلَستُ بِحِذاءِ بابِهِ ، فَما لَبِثتُ إلّا يَسيراً إذ خَرَجَ خادِمٌ لَهُ .

1.إحقاق الحقّ : ج ۱۲ ص ۲۶۹ نقلاً عن كتاب تعليم المتعلّم طريق التعلّم للزرنوجي الحنفي .

  • نام منبع :
    موسوعة العقائد الإسلاميّة ج2
    المساعدون :
    برنجکار، رضا؛المسعودي، عبدالهادي
    المجلدات :
    5
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق / 1387 ش
    الطبعة :
    الثالث
عدد المشاهدين : 133337
الصفحه من 511
طباعه  ارسل الي