رابعا : استقرار الأَجرام السَّماوية في الفضاء
استقرار الأجرام السَّماوية في الفضاء بدون عمد ولا دعامة والسيطرة عليها بواسطة قوة الجاذبية التي عبّر عنها القرآن الكريم بالعمد غير المرئيّة ، هو درس آخر من دروس التوحيد ومعرفة اللّه تعالى ، من وجهة نظر القرآن الكريم ، وقد أشار إِلى ذلك في موضعين : قوله تعالى :
«اللَّهُ الَّذِى رَفَعَ السَّمَـوَ تِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا» .
وقوله تعالى :
«خَلَقَ السَّمَـوَ تِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا»۱ .
على ضوء هاتين الآيتين وحديث الإمام الرضا عليه السلام الذي قدمناه في الفقرة الثانية من دروس معرفة اللّه من خلال خلق الأَرض ، يُرفَع الستار عن حقيقة علميّة لم يكن يعرفها أَحد في زمان النزول ، إِذ كانت هيئة «بطليموس» هي السّائدة آنذاك على المحافل العلمية وأَفكار الناس ، حيث تقول : إِنّ السَّماء تتكون من عدّة كرات متداخلة بعضها فوق بعض كطبقات البصل ، وإِنّ أيّا من تلك الكرات ليست حرّةً عائمة في الفضاء بدون أَعمدة ، بل كلّ منها تعتمد على الأُخرى وتتّكئ عليها ، هذه هي فحوى نظرية بطليموس ، التي توصّل العلم والمعرفة البشرية إِلى كونها موهومة وليس لها أي واقعية ، وذلك بعد نحو أَلف سنة من عصر النزول ، حيث أَثبت العلم بأنّ كلّ واحد من الأَجرام السَّماوية عائم في مكانه ومستقرّ في مداره بدون أن يعتمد على شيء أو يتّكئ عليه ، والشيء الوحيد الذي يُقرّها في مواضعها ضمن مداراتها هو تعادل قوة الجذب والدفع ، حيث إِنّ إِحدى القوتين ترتبط بوزن