245
موسوعة العقائد الإسلاميّة ج3

رابعا : استقرار الأَجرام السَّماوية في الفضاء

استقرار الأجرام السَّماوية في الفضاء بدون عمد ولا دعامة والسيطرة عليها بواسطة قوة الجاذبية التي عبّر عنها القرآن الكريم بالعمد غير المرئيّة ، هو درس آخر من دروس التوحيد ومعرفة اللّه تعالى ، من وجهة نظر القرآن الكريم ، وقد أشار إِلى ذلك في موضعين : قوله تعالى :
«اللَّهُ الَّذِى رَفَعَ السَّمَـوَ تِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا» .
وقوله تعالى :
«خَلَقَ السَّمَـوَ تِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا»۱ .
على ضوء هاتين الآيتين وحديث الإمام الرضا عليه السلام الذي قدمناه في الفقرة الثانية من دروس معرفة اللّه من خلال خلق الأَرض ، يُرفَع الستار عن حقيقة علميّة لم يكن يعرفها أَحد في زمان النزول ، إِذ كانت هيئة «بطليموس» هي السّائدة آنذاك على المحافل العلمية وأَفكار الناس ، حيث تقول : إِنّ السَّماء تتكون من عدّة كرات متداخلة بعضها فوق بعض كطبقات البصل ، وإِنّ أيّا من تلك الكرات ليست حرّةً عائمة في الفضاء بدون أَعمدة ، بل كلّ منها تعتمد على الأُخرى وتتّكئ عليها ، هذه هي فحوى نظرية بطليموس ، التي توصّل العلم والمعرفة البشرية إِلى كونها موهومة وليس لها أي واقعية ، وذلك بعد نحو أَلف سنة من عصر النزول ، حيث أَثبت العلم بأنّ كلّ واحد من الأَجرام السَّماوية عائم في مكانه ومستقرّ في مداره بدون أن يعتمد على شيء أو يتّكئ عليه ، والشيء الوحيد الذي يُقرّها في مواضعها ضمن مداراتها هو تعادل قوة الجذب والدفع ، حيث إِنّ إِحدى القوتين ترتبط بوزن

1.لقمان : ۱۰ .


موسوعة العقائد الإسلاميّة ج3
244

الغازي المتكوّن من عدّة غازات يحافظ على الحياة على سطح الأَرض ، حيث يبلغ سَمْكه نحو «800» كيلومتر ، بحيث يستطيع أن يقف كالدرع الواقي للأَرض ويحفظها من شرّ النيازك والشهب ومختلف الأَحجار السَّماوية المُمِيتة التي تصطدم به ، وهي تنزل بمقدار عشرين مليون حجر في اليوم ، وتبلغ سرعتها في الفضاء ، نحو خمسين كيلومتر في الثانية .
كما يحافظ الغلاف الغازي على درجة الحرارة عند سطح الأَرض في الحدود المناسبة للحياة ، ويدّخر مقدارا كبيرا من الماء والبخار اللازمين للحياة وينقلهما من المحيطات إِلى اليابسة . كما أنّ سُمْك الغلاف الغازي المحيط بالأَرض يجعل الأَشعة الكونية النافذة عبره إِلى أَطراف الأَرض بمعدلٍ كافٍ لنموّ النّباتات ، وخلال ذلك يقوم الغلاف الغازي بإتلاف كلّ الجراثيم المضرّة ويُوجِد الفيتامينات المفيدة ۱ .
إِنّ هذه التحقيقات في الواقع تفسير لهذا الدرس في معرفة اللّه ، الذي يقول فيه القرآن :
«وَ جَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَّحْفُوظًا وَ هُمْ عَنْ ءَايَـتِهَا مُعْرِضُونَ» .
وقوله تعالى :
«أَفَلَمْ يَرَوْاْ إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَ مَا خَلْفَهُم مِّنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ إِن نَّشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِّنَ السَّمَاءِ إِنَّ فِى ذَ لِكَ لَأَيَةً لِّكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ»۲ .

1.شرح البداية : ۹ المقدّمة ، بتحقيق عبد الحسين محمّد علي البقّال .

2.راز آفرينش انسان (بالفارسية) : ص ۳۴ ، ۳۵ .

  • نام منبع :
    موسوعة العقائد الإسلاميّة ج3
    المساعدون :
    برنجکار، رضا
    المجلدات :
    6
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق / 1387 ش
    الطبعة :
    الثالث
عدد المشاهدين : 109218
الصفحه من 488
طباعه  ارسل الي