371
موسوعة العقائد الاسلاميّة ج6

والدراسة:

أوّلاً : معنى الخير والشر

قد يراد من الخير والشرّ معنى اللذّة والألم ، إلّا أنّ هذا المعنى معنى سطحيّ وابتدائي، فمن الممكن أن يتلذّذ الإنسان بشيء مضرٍ له مؤدٍّ إلى شقائه .
وأمّا المعنى الصحيح للخير فهو : الشيء المفيد الّذي يؤدّي إلى سعادته . والشرّ : هو الشيء المضرّ الذي يودّي إلى شقائه .

ثانيا : المعيار في تمييز الخير والشرّ

الملاحظة المهمّة في تعريف الخير والشر هي انه كيف يمكن ادراك أنّ الشيء مفيد للإنسان أو مضرّ له؟ وبعبارة اُخرى : ما هو ملاك التمييز بين الخير والشرّ والنفع والضرّ؟
فهل الملاك في ذلك هو التمييز الابتدائي والسطحيّ للعقل، أم تمييزه لهما بعد التأمّل والإحاطة بجميع أبعاد الموضوع ؟
لاشكّ في أنّ العقل ليس بإمكانه أن يصدر الحكم بشأن كون الشيء نافعا أو ضارّا مالم تتّضح له جميع أبعاد الموضوع ، وإن أصدر الحكم قبل الإحاطة بأبعاده فإنّ مثل هذا الحكم لا قيمة له من الناحية العلميّة، فما أكثر الأشياء الّتي تبدو للوهلة الاُولى خيرا ومفيدة ، ولكن يتّضح من خلال التأمّل أنّها في الحقيقة مضرّة وقبيحة، وما أكثر الاُمور الّتي تبدو من خلال النظرة السطحيّة شرّا وغير مرغوبة، ولكن سرعان ما تنكشف فائدتها للإنسان عبر التأمّل فيها وإجالة النظر في آثارها.

ثالثا : الخير والشرّ في النظرة العالميّة الإسلاميّة

إنّ الخير ـ حسب النظرة الإسلاميّة العالميّة ـ عبارة عن : النفع الّذي لا يضرُّ


موسوعة العقائد الاسلاميّة ج6
370

خالق الخير ، والآخر خالق الشرّ ، فرأت طائفة أنّ النور خالق الخير والظلمة خالق الشرّ ، واعتقدت طائفة أنّ اللّه خالق الخير ، والشيطان خالق الشرّ .

الشرور وإنكار الخالق

لقد اعتبر البعض أنّ وجود الشرور والإخفاقات دليل على كون الوجود فاقدا الشعور، وعلى إنكار الخالق أيضا .

الجواب الإجمالي على شبهة الشرور

إنّ ما يمكن قوله إجمالاً جوابا على شبهة الشرور هو:
أوّلاً : إنّ التمييز الابتدائي والسطحي للعقل ليس هو المعيار في تعيين الخير من الشرّ ، فمن الممكن أن يكون الشيء شرّا في الظاهر ولكنّه خير في الحقيقة، والعكس صحيح أيضا، وعلى هذا فإنّ الكثير من الأشياء الّتي يعتبرها الإنسان شرّا ولا يراها متلائمة مع العدالة والحكمة الإلهيّة ، هي في الحقيقة عين العدالة والحكمة.
ثانيا: الشرّ مخلوق ومقدّر من اللّه ـ تعالى ـ ولكنّه ليس منسوبا إليه ، ذلك لأنّ إرادة الإنسان لها دور في ظهوره ، واستنادا إلى سنّة الخلق غير القابلة للتغيير، فإنّ من غير الممكن الحيلولة دون الشرور، إلّا بإيجاد الموانع في طريقها ومنع عواملها. ۱
ثالثا : إنّ خلق الشرّ وتقديره ليسا مُستقلَّين ، بل هما بتبع خلق الخير، وعلى هذا فإنّهما لا يتنافيان مع العدالة والحكمة.
هذا هو الجواب الإجمالي للكتاب والسنّة ، أو جواب اللّه ـ تعالى ـ نفسه على شبهة الشرور و عدم منافاتها لعدالته وحكمته.

الجواب المفصّل على شبهة الشرور

من أجل الإجابة على شبهة الشرور، علينا أن نتناول بعض المسائل بالبحث

1.راجع : ص ۴۲۷ (عوامل الشرور) و ص ۴۴۳ (موانع الشرور) .

  • نام منبع :
    موسوعة العقائد الاسلاميّة ج6
    المساعدون :
    برنجکار، رضا
    المجلدات :
    6
    الناشر :
    دار الحديث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق / 1387 ش
    الطبعة :
    الثالثة
عدد المشاهدين : 137805
الصفحه من 530
طباعه  ارسل الي