11
موسوعة العقائد الاسلاميّة ج6

يكون بذلك قد استقرّ في موضعه الحقيقي ، فيتحقّق مفهوم الظلم الاجتماعي.

خامسا: مراتب العدالة البشرية

لكلمة «العدل» في النصوص الإسلامية استخدامات مختلفة بشأن الإنسان، وإذا أخذنا بنظر الاعتبار مفهومها الشامل، فإنّها تمثّل إشارة إلى مراتب العدالة البشرية، وهذه المراتب هي:

1 . العدالة العقيدية

إنّ الشخص الّذي أبعد عن نفسه المعتقدات الوهمية وجعل معتقداته مطابقة للواقع ، هو عادل من الناحية العقيدية، أي أنّه راعى مواضع الاُمور في العقيدة ، على هذا الأساس فإنّ الموحّد عادل عقيدي ، والمشرك ظالم عقيدي، وكلّما كانت معتقدات الإنسان متطابقة مع الواقع أكثر سما إلى مراتب أعلى من هذه العدالة .

2 . العدالة العملية

المراد من العدالة العملية ، الميزة الّتي تمثّل من الناحية الفقهية أدنى شروط الإمامة في صلاة الجماعة ، وهذه المرتبة من العدالة هي حصيلة تبلور العدل العقيدي في عمل الإنسان ، ويشير الحديث النبويّ التالي إلى هذه المرتبة من العدالة:
مَن عامَلَ النَّاسَ فَلَم يَظلِمهُم، وَحَدَّثَهُم فَلَم يَكذِبهُم ، وَوَعَدَهُم فَلَم يُخلِفهُم، فَهوَ مِمَّن كَمَلَت مُرُوءَتُهُ ، وَظَهَرَت عَدالَتُهُ .۱

3 . العدالة الأخلاقية

إنّ العدالة الأخلاقية هي حصيلة تطبيق العدالة العقيدية والعملية في الحياة، وتصير العدالة في هذه المرحلة صفة ثابتة وملكة راسخة في الإنسان. ويشير الحديث النبوي التالي إلى العدل الأخلاقي:

1.راجع : ص ۴۶ ح ۵۶۸۲ .


موسوعة العقائد الاسلاميّة ج6
10

فيها . فالشخص الّذي يعتقد بشيء ليست له حقيقة ، فإنّه في الواقع لم يراع موضعه الحقيقي من الناحية العقيدية ، ونظرا إلى أنّ العقيدة هي أساس العمل ، فإنّ هذا الظلم هو أخطر أنواع الظلم ، لذلك فإنّ القرآن الكريم يعتبر الشرك ظلما عظيما : «إِنَّ الشِّرْكَ لَظُـلْمٌ عَظِيمٌ» . ۱

2 . الظلم الفردي

الظلم الفردي هو عدم رعاية المواضع الحقيقية للاُمور فيما يتعلّق بحقوق الشخص نفسه ، فالشخص الّذي يرتكب ما يسبّب الضرر لجسمه أو روحه، فإنّه يخالف في الحقيقة قانون نظام الخلق فيما يتعلّق بنفسه ويتجاوز حقوقه الفطرية والطبيعية ويظلم نفسه.
وقد جاء في قصّة آدم وحواء أنّهما عندما تناولا من الشجرة الّتي نُهيا عنها والتفتا إلى أنّ ذلك كان في ضررهما ، قالا طالبين العذر والتوبة من اللّه تعالى :
«رَبَّنَا ظَـلَمْنَا أَنفُسَنَا» . ۲

3 . الظلم الاجتماعي

الظلم الاجتماعي هو عدم رعاية الموضع الحقيقي لحقوق الناس ومخالفة القوانين الّتي تؤدّي إلى تأمين الحاجات الحقيقية للمجتمع ، فالشخص الّذي يعتدي على حقّ شخصٍ آخر، فإنّه يكون بذلك قد أهمل موضعه الحقيقي، وخالف قانون نظام المجتمع ، لذلك فإنّه يكون قد ارتكب ظلما اجتماعيا:
«إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَ لَ الْيَتَـمَى ظُـلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِى بُطُونِهِمْ نَارًا» . ۳
فيجب إعطاء مال اليتيم إلى اليتيم نفسه، فإن اُعطي إلى شخصٍ آخر بغير حقّ ، فإنّه لا

1.لقمان : ۱۳.

2.الأعراف : ۲۳.

3.النساء : ۱۰.

  • نام منبع :
    موسوعة العقائد الاسلاميّة ج6
    المساعدون :
    برنجکار، رضا
    المجلدات :
    6
    الناشر :
    دار الحديث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق / 1387 ش
    الطبعة :
    الثالثة
عدد المشاهدين : 115810
الصفحه من 530
طباعه  ارسل الي