في خلقه ، فكان يجب أن يقولوا : قضى في خلقه بالعصيان ، ولا يقولوا قضى عليهم ، لأنّ الخلق فيهم لا عليهم ، مع أنّ اللّه تعالى قد أكذَبَ من زعم أ نّه خلقَ المعاصي بقوله سبحانه : «الّذي أحْسَنَ كُلَّ شيءٍ خَلَقَهُ»۱ كما مرّ .
ولا وجه لقولهم : قضى بالمعاصي على معنى أمرَ بها ؛ لأ نّه تعالى قد أكذَبَ مدّعي ذلك بقوله : «إنَّ اللّهَ لا يَأْمُرُ بالفَحْشاءِ أتقولونَ علَى اللّهِ ما لا تَعلَمونَ» . ۲
ولا معنى لقول من زعم أ نّه قضى بالمعاصي على معنى أ نّه أعلم الخلق بها إذ كان الخلق لا يعلمون أ نّهم في المستقبل يطيعون أو يعصون ، ولا يحيطون علما بما يكون منهم في المستقبل علَى التفصيل .
ولا وجه لقولهم : إنّه قضى بالذنوب على معنى أ نّه حكَمَ بها بين العباد ، لأنّ أحكام اللّه تعالى حقّ ، والمعاصي منهم ، ولا لذلك فائدة ، وهو لغو باتّفاق ، فبطل قول من زعم أنّ اللّه تعالى يقضي بالمعاصي والقبائح .
والوجه عندنا في القضاء والقدر بعد الّذي بيّناه أنّ للّه تعالى في خلقه قضاء وقدرا ، وفي أفعالهم أيضا قضاء وقدرا معلوما ، ويكون المراد بذلك أ نّه قد قضى في أفعالهم الحسنة بالأمر بها ، وفي أفعالهم القبيحة بالنّهي عنها ، وفي أنفسهم بالخلق لها ، وفيما فعله فيهم بالإيجاد له ، والقدر منه سبحانه فيما فعله إيقاعه في حقّه وموضعه ، وفي أفعال عباده ما قضاه فيها من الأمر والنهي والثواب والعقاب ، لأنّ ذلك كلّه واقع موقعه ، وموضوع في مكانه لم يقع عبثا ولم يصنع باطلاً .
فإذا فسّر القضاء في أفعال اللّه تعالى والقدر بما شرحناه زالت الشبهة منه ، وثبتت الحجّة به ، ووضح القول فيه لذوي العقول ، ولم يلحقه فساد ولا اختلال .
فأمّا الأخبار الّتي رواها في النهي عن الكلام في القضاء والقدر فهي تحتمل