159
موسوعة العقائد الاسلاميّة ج6

وقد لاحظنا في بحث القضاء والقدر ، أنّ اللّه جعل تحت اختيار البشر إمكانيّات وثروات مثل القدرة والرزق والعمر والبقاء بشكل محدود ، وهذه المحدوديّة هي التقدير الإلهي ، ومن جهة اُخرى فإنّ التقدير الإلهي على قسمين : محتوم (أو غير قابل للتغيير) ، وغير محتوم (أو قابل للتغيير) ، فقد روي عن الإمام الباقر عليه السلام :
مِنَ الاُمُورِ اُمُورٌ مَحتُومَةٌ كائِنَةٌ لا مَحالَةَ ، وَمِنَ الاُمُورِ اُمُورٌ مُوقُوفَةٌ عِندَ اللّهِ ، يُقَدِّمُ فِيها مَا يَشاءُ وَيَمحُو مَا يَشاءُ وَيُثبِت مِنها ما يَشاءُ .۱
فعلى هذا الأساس يكون عبارة عن التغيير في التقدير غير المحتوم عن طريق تقديم التقديرات وتأخيرها، أو محو تقدير وإثبات تقدير آخر ، كما جاء في القرآن الكريم :
«يَمْحُواْ اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَ يُثْبِتُ وَ عِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ» . ۲
وروي عن الإمام الصادق عليه السلام في تفسير هذا الآية الكريمة:
هَل يُمحى إلاّ ما كَانَ ثابِتا؟ وَهَل يُثبَتُ إلّا ما لَم يَكُن؟۳

نماذج من البداء في القرآن

ذكر القرآن الكريم بعض المواضع المهمّة الّتي حدث فيها البداء ، ومنها البداء في عذاب قوم يونس:
«فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ ءَامَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا ءَامَنُواْ كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْىِ فِى الْحَيَوةِ الدُّنْيَا وَ مَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ» . ۴
وروي عن الإمام الباقر عليه السلام بيان كيفية البداء كالتالي:

1.راجع : ص ۱۲۵ ح ۵۸۳۴ .

2.الرعد: ۳۹ .

3.راجع : ص ۱۵۱ ح ۵۸۹۶ .

4.يونس: ۹۸ .


موسوعة العقائد الاسلاميّة ج6
158

التوالي :
بدا، بدوا، وبدوّا: ظهر. وبدا له في الأمر بدوا وبداء وبداة: نشأ فيه رأي . ۱
بدا له في هذا الأمر بداء، أي نشأ له فيه رأي . ۲
تقول : بدا لي في هذا الأمر بداء، أي تغيّر رأيي عمّا كان عليه . ۳
والمعنى الثاني للبداء (أي ظهور الرأي الجديد) يمكن أن يكون هو أيضا على صورتين : ظهور رأي على خلاف الرأي السابق (أو التغير في الرأي) ، وظهور رأي دون أن تكون له خليفة في رأي آخر .
وهكذا يستخدم البداء في اللغة العربية في ثلاثة مواضع:
1 . ظهور شيء بعد خفائه .
2 . ظهور رأي خلافا للرأي السابق، أو تغيير الرأي.
3 . ظهور رأي دون أن تكون له خليفة مسبقة .
والآن علينا أن نتعرّف على المعنى الّذي استخدم فيه البداء في الكتاب والسنّة فيما يتعلّق باللّه تعالى.

البداء في الكتاب والسنة

زعم الكثير من الذين أبدوا آراءهم حول البداء أو أنكروه، أنّ البداء بالمعنى الأوّل هو المستخدم فيما يتعلّق باللّه ، وبالتالي فقد عمدوا إلى الاستدلال على هذا المعنى أو ردّه ، ولكنّ البداء استخدم في الكتاب والسنّة بالمعنيين الأخيرين فيما يتعلّق باللّه ـ تعالى ـ ، أمّا المعنى الثالث فلا خلاف فيه ، وإنما الّذي خضع للبحث واختُلِف بشأنه هو المعنى الثاني منها .

1.القاموس المحيط: ج ۴ ص ۳۰۲ .

2.الصحاح: ج ۶ ص ۲۲۷۸ .

3.معجم مقاييس اللغة: ج ۱ ص ۲۱۲ .

  • نام منبع :
    موسوعة العقائد الاسلاميّة ج6
    المساعدون :
    برنجکار، رضا
    المجلدات :
    6
    الناشر :
    دار الحديث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق / 1387 ش
    الطبعة :
    الثالثة
عدد المشاهدين : 140630
الصفحه من 530
طباعه  ارسل الي