وإجبار الناس على المعصية ومعاقبتهم عليها . وأمّا الاستدلال بأنّ العالم مُلك اللّه وأنّه يستطيع أن يتصرّف فيه بما يشاء، فلا يزيل قبح هذا النوع من الأفعال.
ممّا يجدر ذكره أنّنا نرى أنّ رأي الأشاعرة في تعريف العدل الإلهي له أساس سياسي قبل أن يقوم على دعامة دينية وكلامية، وسوف نوضّح ذلك مستقبلاً. ۱
ثامنا : العدل الإلهي من منظار الفلاسفة
رغم أنّ الفلاسفة لا ينكرون الحسن والقبح العقليّين ، إلّا أنّهم يرون أنّ العقل لا يمكن أن يكون معيار تقويم أفعال اللّه تعالى . يقول الاُستاذ الشهيد المطهري في هذا المجال:
لا ينكر الحكماء الإلهيّون الحسن والقبح العقليّين ويرفضون رأي الأشاعرة، ولكنّهم يرون أنّ نطاق هذه المفاهيم هو نطاق الحياة البشرية لا غير. فمفاهيم الحسن والقبح باعتبارها مقاييس ومعايير ليس لها ـ من وجهة نظر الحكماء الإلهيّين ـ مجال في ساحة الكبرياء الإلهيّة ، فلا يمكن تفسير أفعال ذات البارئ بهذه المعايير والمقاييس البشرية البحتة. ففي نظر الحكماء أنّ اللّه عادل ، ولكن لا لأنّ العدالة حسنة ، والمشيئة الإلهيّة تقوم على القيام بالأفعال الحسنة لا السيئة ، واللّه ليس بظالم ولا يرتكب الظلم ، ولكن لا لأنّ الظلم قبيح وأنّ اللّه لا يريد القيام بعملٍ قبيح . ۲
على هذا الأساس المتمثّل في أنّ العقل ليس له حقّ تقويم الأفعال الإلهيّة ، فإنّ للفلاسفة تعريفا جديدا لعدالة اللّه ، وهو :
رعاية الاستحقاقات في إفاضة الوجود وعدم الامتناع عن الإفاضة والرحمة بما يتمتّع بإمكان الوجود، أو كمال الوجود... فالعدل الإلهي في نظام التكوين حسب هذا الرأي، يعني أنّ كلّ موجود ينال الدرجة الّتي يستحقّها