كُلُّ أمرٍ يُريدُهُ اللّهُ فَهُوَ في عِلمِهِ قَبلَ أن يَصنَعَهُ ، ولَيسَ شَيءٌ يَبدو لَهُ إلّا وقَد كانَ في عِلمِهِ ، إنَّ اللّهَ لا يَبدو لَهُ مِن جَهلٍ .۱
ويرى الدهلوي أنّ أحد معاني البداء، هو البداء في العلم، ويسمّيه البداء في الإخبار. حيث يقول:
يظهر من مجموع روايات الشيعة أنّ للبداء ثلاث معان : (1) البداء في العلم وهو أن يظهر له خلاف ما علم ... . ۲
ويزعم هو وعلماء أهل السنّة الآخرون أنّه عندما يدور الحديث عن البداء في الإخبار، أو البداء في العلم، فإنّ المراد منه البداء في علم اللّه الذاتي والأزلي ، وسبب هذا الاشتباه هو أنّهم لا يفرّقون بين العلم الذاتي والعلم الفعلي ، مع أنّ علم اللّه الذاتي والأزلي، هو علم مطلق يشمل جميع ما حدث في العالم وسوف يحدث، ومن جملته البداءات والتغييرات الّتي سوف تحدث في التقديرات ، وأمّا العلم الفعلي فهو الكتاب الّذي تثبت فيه تلك التقديرات ، ويمكن أن يقال : إنّ العرش، والكرسي، واُمّ الكتاب وكتاب المحو والإثبات كلّ ذلك هو من جملة العلوم الفعليّة، أو كتب علم اللّه ، وقد سجّل في بعض هذه الكتب، ـ مثل اُمّ الكتاب ـ كلّ شيء حتّى ما يحصل فيه البداء. وأمّا في كتاب المحو والإثبات فلم يسجّل إلّا بعض التقديرات ، والبداء يقع في هذا الكتاب فعلى سبيل المثال إذا كان المقدّر لشخص ما أن يكون فقيراً ففي كتاب المحو والإثبات يسجّل له دوام الفقر ، لكن بعد دعائه يغيّر اللّه سبحانه هذا التقدير فيثبته غنياً في لوح المحو والإثبات في حين أنّ كلا التقديرين موجودان في لوح اُمّ الكتاب وبطريق أولى هما موجودان في علم اللّه الذاتي الأزلي ، ولم يحدث أيّ تغيير في علم اللّه الذاتي ، سوف نذكر حكمة هذه التغييرات عند البحث عن حكمة البداء.