كلام حول دور القضاء والقدر في المصائب والشّرور
إنّ الآيات والأحاديث الواردة في هذا الفصل تشير إلى عدد من الملاحظات البالغة الأهميّة في معرفة مبدأ الخير والشرّ في نظام الخلق ، ودور القضاء والقدر في ظهور المصائب والشرور ، وهذه الملاحظات هي كالتالي :
1 . الخير والشرّ مخلوقان ومقدّران من اللّه
هذا القول يعني أنّ جميع الظواهر ـ سواءً الحوادث الطبيعيّة أم غير الطبيعيّة ـ تقع في دائرة الخلق والتقدير الإلهيين ، وإذا لم يرد اللّه ـ تعالى ـ أن تكون الظاهرة خيرا كانت أم شرّا فسوف لا تتحقّق ، وحتّى الأعمال الّتي يقوم بها الإنسان بإرادته واختياره ، فإنّها ليست بمستثناة من هذا القانون العام ، رغم أنّ اللّه ـ تعالى ـ نهى من الناحية التشريعيّة عن الأعمال القبيحة ، وتشير الآية الكريمة : «قُلْ كُلٌّ مِّنْ عِندِ اللَّهِ»۱ إلى هذا المعنى ، ويسمّى الاعتقاد بهذه الحقيقة التوحيد الأفعالي .
على هذا الأساس فقد عُدّ الثنويّون الذين يفرّقون بين خالق الشرور وخالق الخيرات مشركين ، واعتُبر القدرّيون الذين يرون أنّ الشرور خارج نطاق التقدير الإلهي كافرين .