2 . خلق الشرّ وتقديره تبعي
تشير أحاديث الباب الثاني من الفصل السابع من هذا القسم والدالّة على تقديم خلق الخير على خلق الشرّ ، إلى أنّ الشرّ على الرغم من أنّه ليس له خالق مستقل عن خالق الخير ، والّذي هو الذات الأحديّة المقدّسة ، إلّا أنّ خلق الشرّ وتقديره لا أصالة لهما ، بل إنّهما تبع للخير ، لذلك فقد خلق الشرّ بعد الخير وعلى إثره .
بعبارة اُخرى : إنّ هدف الخالق ليس شيئا سوى الخير ، إلّا أنّ خلق الخير في عالم المادّة يستتبع طبعا بعض الشرور ، على سبيل المثال : فإنّ خلق الأرض خيرٌ ، ولكنّ للأرض خصوصيّات معيّنة قد تنتج منها الزلازل أحيانا على هذا ، فالزلازل ظاهرة وآية إلهيّة كما أن الأرض آية إلهية ، إلّا أنّ الهدف الرئيس والأوّل للخالق ، لم يكن خلق الزلزال ، بل إنّ هذه الظاهرة تتحقّق بعد خلق الأرض وتبعا لها ۱ . رغم أنّ للزلازل حكم كثيرة من الإبتلاء والامتحان وذكر اللّه وتكامل البشر .
كما أنّ خلق الإنسان خير أيضا ، ولكنّه يجب أن يتمتّع بالإرادة والحرّية ، كي يصل إلى الغاية الّتي خلق من أجلها وهي الخلافة الإلهيّة ، والكائن المتمتّع بالإرادة بإمكانه أن يسيء استغلال حرّيته ، ويستبب في الشرّ ويجرّ المجتمع إلى الفساد . ۲ والهدف من الخلق لم يكن خلق الشرّ والفساد ، بل وجدت هذه الظاهرة بعد خلق كائن حرّ يدعى الإنسان وتبعا له .
3 . دور الإنسان في ظهور الشرور
الملاحظة الثالثة الّتي تستحقّ الاهتمام فيما يتعلّق ببيان الارتباط بين القضاء والقدر ، وبين المصائب والشرور ، هي دور الإنسان في هذا المجال .