247
موسوعة العقائد الاسلاميّة ج6

الشّاهِدُ عَلَيكُم ، «ذُرِّيَّةَ بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ»۱ .
فَأَجابَهُ الحَسَنُ عليه السلام : بِسمِ اللّهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ ، وَصَلَ إلَيَّ كِتابُكَ ، ولَولا ما ذَكَرتَهُ مِن حَيرَتِكَ وحَيرَةِ مَن مَضى قِبَلَكَ إذاً ما أخبَرتُكَ ، أمّا بَعدُ ، فَمَن لَم يُؤمِن بِالقَدَرِ خَيرِهِ وشَرِّهِ أنَّ اللّهَ يَعلَمُهُ فَقَد كَفَرَ ، ومَن أحالَ المَعاصِيَ عَلَى اللّهِ فَقَد فَجَرَ ، إنَّ اللّهَ لَم يُطَع مُكرِها ولَم يُعصَ مَغلوبا ولَم يُهمِلِ العِبادَ سُدىً مِنَ المَملَكَةِ ، بَل هُوَ المالِكُ لِما مَلَّكَهُم وَالقادِرُ عَلى ما عَلَيهِ أقدَرَهُم ، بَل أمَرَهُم تَخييرا ونَهاهُم تَحذيرا ، فَإِنِ ائتَمَروا بِالطّاعَةِ لَم يَجِدوا عَنها صادّا ، وإنِ انتَهَوا إلى مَعصِيَةٍ فَشاءَ أن يَمُنَّ عَلَيهِم بِأَن يَحولَ بَينَهُم وبَينَها فَعَلَ ، وإن لَم يَفعَل فَلَيسَ هُوَ الَّذي حَمَلَهُم عَلَيها جَبرا ولا اُلزِموها كَرها ، بَل مَنَّ عَلَيهِم بِأَن بَصَّرَهُم وعَرَّفَهُم وحَذَّرَهُم وأمَرَهُم ونَهاهُم ، لا جَبلاً ۲ لَهُم عَلى ما أمَرَهُم بِهِ فَيَكونوا كَالمَلائِكَةِ ، ولا جَبرا لَهُم عَلى ما نَهاهُم عَنهُ ، وللّهِِ الحُجَّةُ البالِغَةُ ، فَلَو شاءَ لَهَداكُم أجمَعينَ ، وَالسَّلامُ عَلى مَنِ اتَّبَعَ الهُدى . ۳

۶۰۸۳.الإمام الكاظم عليه السلام :كَتَبَ الحَسَنُ بنُ أبِي الحَسَنِ البَصرِيُّ ، إلَى الحُسَينِ بنِ عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ عليه السلام ، يَسأَلُهُ عَنِ القَدَرِ ، فَكَتَبَ إلَيهِ : اِتَّبِع ما شَرَحتُ لَكَ فِي القَدَرِ ، مِمّا اُفضِيَ إلَينا ـ أهلَ البَيتِ ـ فَإِنَّهُ مَن لَم يُؤمِن بِالقَدَرِ خَيرِهِ وشَرِّهِ فَقَد كَفَرَ ، ومَن حَمَلَ المَعاصِيَ عَلَى اللّهِ عز و جل فَقَد فَجَرَ وَافتَرى عَلَى اللّهِ افتِراءً عَظيما ، إنَّ اللّهَ ـ تَبارَكَ وتَعالى ـ لا يُطاعُ بِإِكراهٍ ، ولا يُعصى بِغَلَبَةٍ ، ولا يُهمِلُ العِبادَ فِي الهَلَكَةِ ، ولكِنَّهُ المالِكُ

1.آل عمران : ۳۴ .

2.جُبِلتُ عليه : أي خلقت وطبعت عليه (النهاية : ج ۱ ص ۲۳۶ «جبل») .

3.تحف العقول : ص ۲۳۱ ، كنز الفوائد : ج ۱ ص ۳۶۵ ، أعلام الدين : ص ۳۱۶ كلاهما نحوه ، بحار الأنوار : ج ۵ ص ۴۰ ح ۶۳ .


موسوعة العقائد الاسلاميّة ج6
246

ولكِنَّهُ القادِرُ عَلى ما أقدَرَهُم عَلَيهِ ، وَالمالِكُ لِما مَلَّكَهُم إيّاهُ ، فَإِنَّ العِبادَ إنِ ائتَمَروا بِطاعَةِ اللّهِ لَم يَكُن مِنها مانِعٌ ولا عَنها صادٌّ ، وإن عَمِلوا بِمَعصِيَتِهِ فَشاءَ أن يَحولَ بَينَهُم وبَينَها فَعَلَ ، ولَيسَ مَن إن شاءَ أن يَحولَ بَينَهُ وبَينَ شَيءٍ (فَعَلَ) ، ولَم يَفعَلهُ ، فَأَتاهُ الَّذي فَعَلَهُ ، كانَ هُوَ الَّذي أدخَلَهُ فيهِ ۱ . ۲

۶۰۸۱.الإرشاد عن الحسن بن أبي الحسن البصري :جاءَ رَجُلٌ إلى أميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام فَقالَ لَهُ : ... فَمَا القَضاءُ وَالقَدَرُ الَّذي ذَكَرتَهُ يا أميرَ المُؤمِنينَ ؟ قالَ : الأَمرُ بِالطّاعَةِ وَالنَّهيُ عَنِ المَعصِيَةِ ، وَالتَّمكينُ مِن فِعلِ الحَسَنَةِ وتَركِ السَّيِّئَةِ ، وَالمَعونَةُ عَلَى القُربَةِ إلَيهِ ، وَالخِذلانُ لِمَن عَصاهُ ، وَالوَعدُ وَالوَعيدُ ، وَالتَّرغيبُ وَالتَّرهيبُ ، كُلُّ ذلِكَ قَضاءُ اللّهِ في أفعالِنا ، وقَدَرُهُ لِأَعمالِنا ، فَأَمّا غَيرُ ذلِكَ فَلا تَظُنَّهُ ، فَإِنَّ الظَّنَّ لَهُ مُحبِطٌ ۳ لِلأَعمالِ .
فَقالَ الرَّجُلُ : فَرَّجتَ عَنّي يا أميرَ المُؤمِنينَ فَرَّجَ اللّهُ عَنكَ . ۴

۶۰۸۲.تحف العقول :كَتَبَ الحَسَنُ بنُ أبِي الحَسَنِ البَصرِيُّ إلى أبي مُحَمَّدٍ الحَسَنِ بنِ عَلِيٍّ عليهماالسلام : أمّا بَعدُ ، فَإِنَّكُم مَعشَرَ بَني هاشِمٍ الفُلكُ الجارِيَةُ فِي اللُّجَجِ الغامِرَةِ والأَعلامُ النَّيِّرَةُ الشّاهِرَةُ ، أو كَسَفينَةِ نوحٍ عليه السلام الَّتي نَزَلَهَا المُؤمِنونَ ونَجا فيهَا المُسلِمونَ ، كَتَبتُ إلَيكَ يَابنَ رَسولِ اللّهِ عِندَ اختِلافِنا فِي القَدَرِ وحَيرَتِنا فِي الاِستِطاعَةِ ، فَأَخبِرنا بِالَّذي عَلَيهِ رَأيُكَ ورَأيُ آبائِكَ عليهم السلام ، فَإِنَّ مِن عِلمِ اللّهِ عِلمَكُم ، وأنتُم شُهَداءُ عَلَى النّاسِ وَاللّهُ

1.توضيح ذلك : إنّ مجرّد القدرة على الحيلولة بين العبد وفعله لا يدلّ على كونه تعالى فاعله ، إذ القدرة على المنع غير المنع ، ولا يوجب إسناد الفعل إليه سبحانه .

2.تحف العقول : ص ۳۷ ، بحار الأنوار : ج ۷۷ ص ۱۴۰ ح ۲۲ .

3.حَبِطَت : أي بَطَلَت (مجمع البحرين : ج ۱ ص ۳۵۳ «حبط») .

4.الإرشاد : ج ۱ ص ۲۲۶ ، الاحتجاج : ج ۱ ص ۴۹۲ ح ۱۲۱ ، كنز الفوائد : ج ۱ ص ۳۶۳ ، عوالي اللآلي : ج ۴ ص ۱۰۸ ح ۱۶۳ ، بحار الأنوار : ج ۵ ص ۱۲۶ ح ۷۴ .

  • نام منبع :
    موسوعة العقائد الاسلاميّة ج6
    المساعدون :
    برنجکار، رضا
    المجلدات :
    6
    الناشر :
    دار الحديث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق / 1387 ش
    الطبعة :
    الثالثة
عدد المشاهدين : 149382
الصفحه من 530
طباعه  ارسل الي