الْيَتَـمَى ظُـلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِى بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا» 1 ، وقَولَهُ : «إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِـئايَـتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُم بَدَّلْنَـهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا» 2 ، مَعَ آيٍ كَثيرَةٍ في هذَا الفَنِّ مِمَّن كَذَّبَ وَعيدَ اللّهِ ويَلزَمُهُ في تَكذيبِهِ آيَةً مِن كِتابِ اللّهِ الكُفرُ ، وهُوَ مِمَّن قالَ اللّهُ : «أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَـبِ وَ تَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَن يَفْعَلُ ذَ لِكَ مِنكُمْ إِلَا خِزْىٌ فِى الْحَيَوةِ الدُّنْيَا وَ يَوْمَ الْقِيَـمَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَ مَا اللَّهُ بِغَـفِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ» 3 .
بَل نَقولُ : إنَّ اللّهَ ـ جَلَّ وعَزَّ ـ جازَى العِبادَ عَلى أعمالِهِم ويُعاقِبُهُم عَلى أفعالِهِم بِالاِستِطاعَةِ الَّتي مَلَّكَهُم إيّاها ، فَأَمَرَهُم ونَهاهُم بِذلِكَ ونَطَقَ كِتابهُ : «مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْـلَمُونَ» 4 ، وقالَ جَلَّ ذِكرُهُ : «يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ» 5 ، وقالَ : «الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسِ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُـلْمَ الْيَوْمَ» 6 . فَهذِهِ آياتٌ مُحكَماتٌ تَنفِي الجَبرَ ومَن دانَ بِهِ . ومِثلُها فِي القُرآنِ كَثيرٌ ، اختَصَرنا ذلِكَ لِئَلّا يَطولَ الكِتابُ وبِاللّهِ التَّوفيقُ .
وأمَّا التَّفويضُ الَّذي أبطَلَهُ الصّادِقُ عليه السلام ، وأخطَأَ مَن دانَ بِهِ وتَقَلَّدَهُ فَهُوَ قَولُ القائِلِ : إنَّ اللّهَ جَلَّ ذِكرُهُ فَوَّضَ إلَى العِبادِ اختِيارَ أمرِهِ ونَهيِهِ وأهمَلَهُم . وفي هذا كَلامٌ دَقيقٌ