غَيرَ ظالِمٍ لَهُ لِما تَقَدَّمَ إلَيهِ وأعلَمَهُ وعَرَّفَهُ وأوجَبَ لَهُ الوَفاءَ بِوَعدِهِ ووَعيدِهِ ، بِذلِكَ يوصَفُ القادِرُ القاهِرُ . وأمَّا المَولى فَهُوَ اللّهُ جَلَّ وعَزَّ ، وأمَّا العَبدُ فَهُوَ ابنُ آدَمَ المَخلوقُ ، وَالمالُ قُدرَةُ اللّهِ الواسِعَةُ ، ومِحنَتُهُ إظهارُهُ الحِكمَةَ وَالقُدرَةَ ، وَالدّارُ الفانِيَةُ هِيَ الدُّنيا وبَعضُ المالِ الَّذي مَلَّكَهُ مَولاهُ هُوَ الاِستِطاعَةُ الَّتي مَلَّكَ ابنَ آدَمَ . وَالاُمورُ الَّتي أمَرَ اللّهُ بِصَرفِ المالِ إلَيها هُوَ الاِستِطاعَةُ لِاتِّباعِ الأَنبِياءِ وَالإِقرارِ بِما أورَدوهُ عَنِ اللّهِ جَلَّ وعَزَّ ، وَاجتِنابُ الأَسبابِ الَّتي نَهى عَنها هِيَ طُرُقُ إبليسَ . وأمّا وَعدُهُ فَالنَّعيمُ الدّائِمُ وهِيَ الجَنَّةُ . وأمَّا الدّارُ الفانِيَةُ فَهِيَ الدُّنيا ، وأمَّا الدّارُ الاُخرى فَهِيَ الدّارُ الباقِيَةُ وهِيَ الآخِرَةُ . وَالقَولُ بَينَ الجَبرِ وَالتَّفويضِ هُوَ الاِختِبارُ وَالاِمتِحانُ وَالبَلوى بِالاِستِطاعَةِ الَّتي مَلَّكَ العَبدَ .
وشَرحُها فِي الخَمسَةِ الأَمثالِ الَّتي ذَكَرَهَا الصّادِقُ عليه السلام 1 أنَّها جَمَعَت جَوامِعَ الفَضلِ ، وأنَا مُفَسِّرُها بِشَواهِدَ مِنَ القُرآنِ وَالبَيانِ إن شاءَ اللّهُ .
أمّا قَولُ الصّادِقِ عليه السلام ، فَإِنَّ مَعناهُ كَمالُ الخَلقِ لِلإِنسانِ ، وكَمالُ الحَواسِّ وثَباتُ العَقلِ وَالتَّمييزِ وإطلاقُ اللِّسانِ بِالنُّطقِ ؛ وذلِكَ قَولُ اللّهِ : «وَ لَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِى ءَادَمَ وَحَمَلْنَـهُمْ فِى الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ وَ رَزَقْنَـهُم مِّنَ الطَّيِّبَـتِ وَ فَضَّلْنَـهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً» 2
، فَقَد أخبَرَ عز و جل عَن تَفضيلِهِ بَني آدَمَ عَلى سائِرِ خَلقِهِ مِنَ البَهائِمِ وَالسِّباعِ ودَوابِّ البَحرِ وَالطَّيرِ وكُلِّ ذي حَرَكَةٍ تُدرِكُهُ حَواسُّ بَني آدَمَ بِتَمييزِ العَقلِ وَالنُّطقِ ؛ وذلِكَ قَولُهُ : «لَقَدْ خَلَقْنَا الْاءِنسَـنَ فِى أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ» 3 . وقَولُهُ : «يَـأَيُّهَا الْاءِنسَـنُ مَا