في قَولِهِ دَعَتهُ النِّيَّةُ إلى تَصديقِ القَولِ بِإِظهارِ الفِعلِ ، وإذا لَم يَعتَقِدِ القَولَ لَم تَتَبَيَّن حَقيقَتُهُ . وقَد أجازَ اللّهُ صِدقَ النِّيَّةِ وإن كانَ الفِعلُ غَيرَ مُوافِقٍ لَها لِعِلَّةِ مانِعٍ يَمنَعُ إظهارَ الفِعلِ في قَولِهِ : «إِلَا مَنْ أُكْرِهَ وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْاءِيمَـنِ»۱ ، وقَولِهِ : «لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِى أَيْمَـنِكُمْ»۲ ، فَدَلَّ القُرآنُ وأخبارُ الرَّسولِ صلى الله عليه و آله أنَّ القَلبَ مالِكٌ لِجَميعِ الحَواسِّ يُصَحِّحُ أفعالَها ولا يُبطِلُ ما يُصَحِّحُ القَلبُ شَيءٌ .
فَهذا شَرحُ جَميعِ الخَمسَةِ الأَمثالِ الَّتي ذَكَرَهَا الصّادِقُ عليه السلام أنَّها تَجمَعُ المَنزِلَةَ بَينَ المَنزِلَتَينِ وهُمَا الجَبرُ وَالتَّفويضُ ، فَإِذَا اجتَمَعَ فِي الإِنسانِ كَمالُ هذِهِ الخَمسَةِ الأَمثالِ وَجَبَ عَلَيهِ العَمَلُ كَمُلاً لِما أمَرَ اللّهُ عز و جل بِهِ ورَسُولُهُ ، وإذا نَقَصَ العَبدُ مِنها خَلَّةً كانَ العَمَلُ عَنها مَطروحا بِحَسَبِ ذلِكَ . ۳