تحليل حول الجبر والتفويض والأمر بين الأمرين
لقد شَغلَ موضوع الجبر والتفويض ذهن الإنسان منذ القدم ، فإذا ألقينا نظرة على الفلسفة في العصور القديمة ، فسوف نرى أنّ الرواقيّين كانوا يعتقدون بالجبر، ۱ والأبيقوريّين بالتفويض، ۲ وذلك في القرن الرابع قبل الميلاد . وما يزال البحث في هذا الموضوع متواصلاً في العصر الحديث أيضا ، فهناك يقف من جانب ديكارت الّذي يؤمن بالتفويض، ۳ ويطالعنا في الجانب الآخر إسبينوزا الّذي كان جبريّا . ۴
إنّ القرآن الكريم ينقل عن مشركي مكّة أنّهم كانوا يستغلّون نظريّة الجبر لتبرير شركهم ، حيث كانوا يقولون : «سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا ءَابَاؤُنَا» . ۵
وتدلّ الروايات التاريخيّة على أنّ الاعتقاد بالجبر ، أو على الأقلّ التساؤل حول هذا الموضوع كان مطروحا في صدر الإسلام بشكلّ جدّي . ۶
1.تاريخ الفلسفة : ج ۱ ص ۵۳۷ ـ ۵۳۸ .
2.تاريخ الفلسفة : ج ۱ ص ۵۵۷ .
3.اُصول الفلسفة : الأصل ۳۵ ص ۶۲ ، تأمّلات : ص ۶۳ .
4.الأخلاق : ص ۱۱۹ .
5.الأنعام : ۱۴۸ .
6.راجع : طبقات المعتزلة : ص ۹ ـ ۱۱ و تاريخ المذاهب الإسلامية : ص ۹۵ .