287
موسوعة العقائد الاسلاميّة ج6

فَقالَ لَهُ الشَّيخُ : عِندَ اللّهِ أحتَسِبُ عَنائي يا أميرَ المُؤمِنينَ .
فَقالَ لَهُ : مَه يا شَيخُ ! فَوَاللّهِ لَقَد عَظَّمَ اللّهُ الأَجرَ في مَسيرِكُم وأنتُم سائِرونَ ، وفي مَقامِكُم وأنتُم مُقيمونَ ، وفي مُنصَرَفِكُم وأنتُم مُنصَرِفونَ ، ولَم تَكونوا في شَيءٍ مِن حالاتِكُم مُكرَهينَ ولا إلَيهِ مُضطَرّينَ .
فَقالَ لَهُ الشَّيخُ : وكَيفَ لَم نَكُن في شَيءٍ مِن حالاتِنا مُكرَهينَ ولا إلَيهِ مُضطَرّينَ ، وكانَ بِالقَضاءِ وَالقَدَرِ مَسيرُنا ومُنقَلَبُنا ومُنصَرَفُنا ؟
فَقالَ لَهُ : وتَظُنُّ أنَّهُ كانَ قَضاءً حَتما وقَدَرا لازِماً ؟
إنَّهُ لَو كانَ كَذلِكَ لَبَطَلَ الثَّوابُ وَالعِقابُ وَالأَمرُ وَالنَّهيُ وَالزَّجرُ مِنَ اللّهِ ، وسَقَطَ مَعنَى الوَعدِ وَالوَعيدِ ۱ ، فَلَم تَكُن لائِمَةٌ لِلمُذنِبِ ولا مَحمَدَةٌ لِلمُحسِنِ ، ولَكانَ المُذنِبُ أولى بِالإِحسانِ مِنَ المُحسِنِ ، ولَكانَ المُحسِنُ أولى بِالعُقوبَةِ مِنَ المُذنِبِ ، تِلكَ مَقالَةُ إخوانِ عَبَدَةِ الأَوثانِ وخُصَماءِ الرَّحمنِ وحِزبِ الشَّيطانِ وقَدَرَيِّةِ هذِهِ الاُمَّةِ ومَجوسِها.
إنَّ اللّهَ ـ تَبارَكَ وتَعالى ـ كَلَّفَ تَخييرا ونَهى تَحذيرا ، وأعطى عَلَى القَليلِ كَثيرا ، ولَم يُعصَ مَغلوبا ولَم يُطَع مُكرِها ولَم يُمَلِّك مُفَوِّضا ، ولَم يَخلُقِ السَّماواتِ وَالأَرضَ وما بَينَهُما باطِلاً ، ولَم يَبعَثِ النَّبِيّينَ مُبَشِّرينَ ومُنذِرينَ عَبَثا . ذلِكَ ظَنُّ الَّذينَ كَفَروا فَوَيلٌ لِلَّذينَ كَفَروا مِنَ النّارِ ، فَأَنشَأَ الشَّيخُ يَقولُ :

أنتَ الإِمامُ الَّذي نَرجو بِطاعَتِهِ
يَومَ النَّجاةِ مِنَ الرَّحمنِ غُفراناً

أوضَحتَ مِن أمرِنا ما كانَ مُلتَبِسا۲
جَزاكَ رَبُّكَ بِالإِحسانِ إحسانا۳

1.الوَعدُ والوَعيدُ : الوعد يستعمل في الخير والشرّ ، فإذا أسقطوا الخير والشرّ ، قالوا في الخير : الوعد ، وفي الشرّ : الوعيد (الصحاح : ج ۲ ص ۵۵۱ «وعد») .

2.لَبَستَ الأمرَ : إذا خلطتَ بَعضَهُ ببعض (النهاية : ج ۴ ص ۲۲۵ «لبس») .

3.الكافي : ج ۱ ص ۱۵۵ ح ۱ ، التوحيد : ص ۳۸۰ ح ۲۸ ، عيون أخبار الرضا عليه السلام : ج ۱ ص ۱۳۹ ح ۳۸ كلاهما عن عليّ بن جعفر الكوفي عن الإمام الهادي عن آبائه عن الإمام الحسين عليهم السلام وعن السكوني عن الإمام الصادق عن آبائه عن الإمام عليّ عليهم السلام ، الاحتجاج : ج ۱ ص ۴۸۹ ح ۱۲۰ عن الإمام الهادي عليه السلام وكلّها نحوه ، بحار الأنوار : ج ۵ ص ۹۵ ح ۱۹ .


موسوعة العقائد الاسلاميّة ج6
286

وقالَ آخَرُ : سَمِعتُهُ يَقولُ : ما كانَ مِن خَيرٍ فَبِأَمرِ اللّهِ وبِعِلمِهِ ، وما كانَ مِن شَرٍّ فَبِعِلمِ اللّهِ لا بِأَمرِهِ .
فَقالَ الحَجّاجُ : أ كُلُّ هذا مِن قَولِ أبي تُرابٍ ؟ لَقَدِ اغتَرَفوها مِن عَينٍ صافِيَةٍ ! ۱

۶۱۰۵.الإمام عليّ عليه السلامـ لَمّا سُئِلَ عَنِ القَضاءِ وَالقَدَرِ ـ: لا تَقولوا : وَكَلَهُمُ اللّهُ إلى أنفُسِهِم فَتُوَهِّنوهُ ، ولا تَقولوا : أجبَرَهُم عَلَى المَعاصي فَتُظَلِّموهُ ، ولكِن قولوا : الخَيرُ بِتَوفيقِ اللّهِ ، وَالشَّرُّ بِخِذلانِ اللّهِ ، وكُلٌّ سابِقٌ في عِلمِ اللّهِ . ۲

۶۱۰۶.عنه عليه السلامـ فِي الحِكَمِ المَنسوبَةِ إلَيهِ ـ: جَلَّ اللّهُ أن يُريدَ الفَحشاءَ . ۳

۶۱۰۷.عنه عليه السلامـ فِي الحِكَمِ المَنسوبَةِ إلَيهِ ـ: لا تَحمِلوا ذُنوبَكُم وخَطاياكُم عَلَى اللّهِ ، وتَذَروا أنفُسَكُم وَالشَّيطانَ . ۴

۶۱۰۸.عنه عليه السلام :كُن مُؤاخِذا نَفسَكَ ، مُغالِبا سوءَ طَبعِكَ ، وإيّاكَ أن تَحمِلَ ذُنوبَكَ عَلى رَبِّكَ . ۵

۶۱۰۹.الكافي عن سهل بن زياد وإسحاق بن محمّد وغيرهما رفعوه ، قال :كانَ أميرُالمُؤمِنينَ عليه السلام جالِسا بِالكوفَةِ بَعدَ مُنصَرَفِهِ مِن صِفّينَ ، إذ أقبَلَ شَيخٌ فَجَثا بَينَ يَدَيهِ ، ثُمَّ قالَ لَهُ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، أخبِرنا عَن مَسيرِنا إلى أهلِ الشّامِ أبِقَضاءٍ مِنَ اللّهِ وقَدَرٍ ؟
فَقالَ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام : أجَل يا شَيخُ ، ما عَلَوتُم تَلعَةً ۶ ولا هَبَطتُم بَطنَ وادٍ إلّا بِقَضاءٍ مِنَ اللّهِ وقَدَرٍ .

1.نزهة الناظر : ص ۵۱ ح ۲۵ وراجع كنز الفوائد : ج ۱ ص ۳۶۴ والطرائف : ص ۳۲۹ .

2.الاحتجاج : ج ۱ ص ۴۹۳ ح ۱۲۲ ، عوالي اللآلي : ج ۴ ص ۱۰۹ ح ۱۶۴ ، بحار الأنوار : ج ۵ ص ۹۵ ح ۱۶ .

3.شرح نهج البلاغة : ج ۲۰ ص ۲۶۸ ح ۱۰۶ .

4.شرح نهج البلاغة : ج ۲۰ ص ۳۱۶ ح ۶۳۱ .

5.غرر الحكم : ح ۷۱۷۲ ، عيون الحكم والمواعظ : ص ۳۹۲ ح ۶۶۳۵ .

6.التَلعَةُ : ما ارتفع من الأرض (الصحاح : ج ۳ ص ۱۱۹۲ «تلع») .

  • نام منبع :
    موسوعة العقائد الاسلاميّة ج6
    المساعدون :
    برنجکار، رضا
    المجلدات :
    6
    الناشر :
    دار الحديث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق / 1387 ش
    الطبعة :
    الثالثة
عدد المشاهدين : 140611
الصفحه من 530
طباعه  ارسل الي