291
موسوعة العقائد الاسلاميّة ج6

قالَ : نَعَم ، ولكِن بِالآلَةِ الَّتي عَمِلَ بِهَا الخَيرَ ، قَدَرَ عَلَى الشَّرِّ الَّذي نَهاهُ عَنهُ .
قالَ : فَإِلَى العَبدِ مِنَ الأَمرِ شَيءٌ ؟
قالَ : ما نَهاهُ اللّهُ عَن شَيءٍ إلّا وقَد عَلِمَ أنَّهُ يُطيقُ تَركَهُ ، ولا أمَرَهُ بِشَيءٍ إلّا وقَد عَلِمَ أنَّهُ يَستَطيعُ فِعلَهُ ، لِأَنَّهُ لَيسَ مِن صِفَتِهِ الجَورُ وَالعَبَثُ وَالظُّلمُ وتَكليفُ العِبادِ ما لا يُطيقونَ .
قالَ : فَمَن خَلَقَهُ اللّهُ كافِرا ، أيَستَطيعُ الإِيمانَ ولَهُ عَلَيهِ بِتَركِهِ الإِيمانَ حُجَّةٌ ؟
قالَ عليه السلام : إنَّ اللّهَ خَلَقَ خَلقَهُ جَميعا مُسلِمينَ ، أمَرَهُم ونَهاهُم ، وَالكُفرُ اسمٌ يَلحَقُ الفِعلَ حينَ يَفعَلُهُ العَبدُ ، ولَم يَخلُقِ اللّهُ العَبدَ حينَ خَلَقَهُ كافِرا ، إنَّه إنَّما كَفَرَ مِن بَعدِ أن بَلَغَ وَقتا لَزِمَتهُ الحُجَّةُ مِنَ اللّهِ ، فَعَرَضَ عَلَيهِ الحَقَّ فَجَحَدَهُ ، فَبِإِنكارِهِ الحَقَّ صارَ كافِرا . ۱

۶۱۱۸.الإمام الرضا عليه السلام :خَرَجَ أبو حَنيفَةَ ذاتَ يَومٍ مِن عِندِ الصّادِقِ عليه السلام ، فَاستَقبَلَهُ موسَى بنُ جعَفَرٍ عليه السلام فَقالَ لَهُ : يا غُلامُ مِمَّنِ المَعصِيَةُ ؟
قالَ : لا تَخلو مِن ثَلاثٍ : إمّا أن تَكونَ مِنَ اللّهِ عز و جل ولَيسَت مِنهُ ، فَلا يَنبَغي لِلكَريمِ أن يُعَذِّبَ عَبدَهُ بِما لا يَكتَسِبُهُ .
وإمّا أن تَكونَ مِنَ اللّهِ عز و جل ومِنَ العَبدِ ولَيسَ كَذلِكَ ، فَلا يَنبَغي لِلشَّريكِ القَوِيِّ أن يَظلِمَ الشَّريكَ الضَّعيفَ .

1.الاحتجاج : ج ۲ ص ۲۱۲ و ۲۲۲ ح ۲۲۳ ، بحار الأنوار : ج ۵ ص ۱۸ ح ۲۹ .


موسوعة العقائد الاسلاميّة ج6
290

۶۱۱۶.عنه عليه السلام :إنَّ اللّهَ أرحَمُ بِعبِادِهِ مِن أن يُجبِرَهُم عَلَى المَعاصي ثُمَّ يُعاقِبَهُم عَلَيها ، وهُوَ أيضا أجَلُّ وأعَزُّ وأرفَعُ وأجدَرُ وأعلَمُ مِن أن يُريدَ أمرا فَيَكونُ فِي استِطاعَةِ العِبادِ غَيرُهُ عَلى مَعنَى الكُرهِ وَالغَلَبَةِ ، بَل سَبَقَ عِلمُهُ في خَلقِهِ ، ونَفَذَ تَقديرُهُ في بَرِيَّتِهِ وقَضاهُ في عِبادِهِ قَبلَ أن يَخلُقَهُم كَيفَ يَخلُقُهُم .
وعَلِمَ ما هُم عامِلونَ وإلى ما هُم صائِرونَ ، وعَلِمَ مَن أطاعَهُ مِمَّن عَصاهُ .
فَخَلَقَهُم عَلى ذلِكَ لِيُثيبَهُم عَلَى الطّاعَةِ ويُعاقِبَهُم عَلَى المَعصِيَةِ ، ولَيسَ يُعاقِبُ عز و جل عَلى عِلمِهِ ولا قَضائِهِ ولا قَدَرِهِ ، بَل يُعاقِبُ عَلَى المَعاصي ويُثيبُ عَلَى الطّاعَةِ ... . ۱

۶۱۱۷.الاحتجاج :مِن سُؤالِ الزِّنديقِ الَّذي سَأَلَ أبا عَبدِ اللّهِ عَن مَسائِلَ كَثيرَةٍ أن قالَ : ... فَأَخبِرني عَنِ اللّهِ عز و جل كَيفَ لَم يَخلُقِ الخَلقَ كُلَّهُم مُطيعينَ مُوَحِّدينَ وكانَ عَلى ذلِكَ قادِرا ؟
قالَ عليه السلام : لَو خَلَقَهُم مُطيعينَ لَم يَكُن لَهُم ثَوابٌ ، لِأَنَّ الطّاعَةَ إذا ما كانَت فِعلَهُم لَم تَكُن جَنَّةٌ ولا نارٌ ، ولكِن خَلَقَ خَلقَهُ فَأَمَرَهُم بِطاعَتِهِ ونَهاهُم عَن مَعصِيَتِهِ ، وَاحتَجَّ عَلَيهِم بِرُسُلِهِ ، وقَطَعَ عُذرَهُم بِكُتُبِهِ ، لِيَكونوا هُمُ الَّذينَ يُطيعونَ ويَعصونَ ، ويَستَوجِبونَ بِطاعَتِهِم لَهُ الثَّوابَ وبِمَعصِيَتِهِم إيّاهُ العِقابَ .
قالَ : فَالعَمَلُ الصّالِحُ مِنَ العَبدِ هُوَ فِعلُهُ ، وَالعَمَلُ الشَّرُّ مِنَ العَبدِ هُوَ فِعلُهُ ؟
قالَ : العَمَلُ الصّالِحُ مِنَ العَبدِ بِفِعلِهِ وَاللّهُ بِهِ أمَرَهُ ، وَالعَمَلُ الشَّرُّ مِنَ العَبدِ بِفِعلِهِ وَاللّهُ عَنهُ نَهاهُ .
قالَ : ألَيسَ فِعلُهُ بِالآلَةِ الَّتي رَكَّبَها فيهِ ؟

1.تنبيه الخواطر : ج ۲ ص ۲۶۸ .

  • نام منبع :
    موسوعة العقائد الاسلاميّة ج6
    المساعدون :
    برنجکار، رضا
    المجلدات :
    6
    الناشر :
    دار الحديث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق / 1387 ش
    الطبعة :
    الثالثة
عدد المشاهدين : 140014
الصفحه من 530
طباعه  ارسل الي