الخير والشرّ، ونفع الشيء أو ضرّه، ولذلك فإنّ القتل في سبيل اللّه والّذي يعدّ شرّا حسب النظرة الابتدائيّة للعقل ، ليس في الحقيقة شرّا فحسب ، بل هو خير محض نظرا إلى آثاره .
على العكس من ذلك، فإنّ الثروة الطائلة من منظار القرآن شرّ ومدعاة للشقاء بالنسبة إلى المترفين، في حين أنّها تبدو من وجهة نظر الناس ذوي التفكير السطحيّي ، وحسب التحديد الابتدائي للعقل، سببا للسعادة والخير:
«وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا ءَاتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَّهُم بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ» . ۱
واستنادا إلى هذه النظرة العالميّة، فإنّ القرآن لا يعتبر حياة الكافرين وتمتّعهم بالإمكانيّات ونعم الدنيا الماديّة في صالحهم وحسب، بل يراها مضرّة لهم:
«فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَ لُهُمْ وَلَا أَوْلَـدُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُم بِهَا فِى الْحَيَوةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَـفِرُونَ» . ۲
كما يؤكّد أنّ إمهال الكافرين وطول أعمارهم ليس في صالحهم:
«وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِى لَهُمْ خَيْرٌ لِّأَنفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِى لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ» . ۳
بناء على ذلك، فإنّ وصف الاُمور الّتي تعتبر في الظاهر سعادة، أو بلاء ومصيبة، ب «الخير» و« الشرّ » يعتمد على موقف الإنسان إزاءها، فالإخفاقات لا تكون شرّا ، إلّا إذا لم تؤدّ إلى نموّ الإنسان وتكامله، واللذائذ لا تكون خيرا حقّا ، إلّا إذا حالت دون انحطاط الإنسان وشقائه، وباختصار فإنّ بإمكان الإنسان من خلال الاختيار الصحيح، أن يحوّل الاُمور السلبيّة و«الشرّيرة» في الظاهر إلى «خير» وأن يغيّر عبر