375
موسوعة العقائد الاسلاميّة ج6

خامسا : أقسام الخير والشرّ

يمكن تقسيم الخير والشرّ إلى قسمين :

1 . الخير والشرّ المطلق

الخير المطلق : عبارة عن الظاهرة الّتي تمثل النفع المحض ، ولا تسبّب الضرر لأيّ شيء وأيّ شخص .
الشرّ المطلق : هو أن يكون الشيء ضررا محضا ، ولا نفع له لأيّ شيء وأيّ شخص .

2 . الخير والشرّ النسبيان

من النادر أن نجد ظاهرة هي خير مطلق أو شرّ مطلق، فالظواهر في الغالب مزيج من الخير والشرّ لذلك فإنّ الظواهر الّتي يغلب خيرها ونفعها على شرّها وضرّها تسمّى خيرا في الغالب ، وما غلب فيه شرّه وضرره على خيره سمّي شرّا .
على هذا ، فإنّ من الممكن أن تكون ظاهرة خيرا ونفعا لأحد ، وشرّا لآخر أو آخرين ، وعلى سبيل المثال فإنّ لسعة الحشرات ومخالب الحيوانات المفترسة وأنيابها هي خير لها ؛ لأنّها تمثّل أدوات الدفاع عن نفسها وتغذيتها، ولكنّها تعدّ شرّا بالنسبة للإنسان .
والعكس صحيح أيضا، فمن الممكن أن يكون أمر ما شرّا ومضرّا لشخص ، ولكنّه قد يكون خيرا لآخر أو آخرين، مثل المطر عندما يتسبّب في تدمير بيت أو عشّ ، فهو شرّ لصاحب البيت أو العشّ ، ولكنّه خير لعامّة الناس ، لذلك تجب ملاحظة جميع أبعاد الظاهرة وآثارها للحكم بشأن كونها خيرا أو شرّا .

سادسا : خلق الخير والشرّ وتقديرهما

الخير والشرّ كلاهما مخلوقان ومقدّران للّه ـ تعالى ـ من منظار الكتاب والسنّة ، بمعنى أنّه لا توجد ظاهرة إلّا وهي مخلوق من مخلوقات اللّه وهي ضمن دائرة


موسوعة العقائد الاسلاميّة ج6
374

الاختيار الخاطئ الاُمور الإيجابيّة في الظاهر والخَيِّرة إلى شرّ .

رابعا : الفرق بين عقيدة الإمامية والأشاعرة

قد يقول قائل: استنادا إلى ما مرّ في تبيين ملاك الخير والشرّ ، أنّ العقل لمّا لم يكن محيطا بجميع المصالح والمفاسد ، فليس بإمكانه أن يصدر الأحكام في الكثير من المواضع بشأن كون الشيء خيرا أو شرّا ، أوَ ليس هذا الرأي هو نفس ما يقوله الأشاعرة من أنّ العقل غير قادر على التمييز بين الخير والشرّ ؟
الجواب : إنّ حسن الأشياء وقبحها ليسا ذاتيّين من وجهة نظر الأشاعرة، بل هما اعتباريّان وتعاقديّان، فهم يرون أنّ اللّه وحده هو القادر على أن يجعل الشيء خيرا وحسنا أو يعتبره شرّا وسيّئا ، فالعقل لا يحقّ له إصدار الأحكام بشأن الحسن والقبيح، ولذلك فإن صدر من اللّه فعل يبدو للعقل قبيحا ومخالفا للعدل تماما، فإنّ عليه أن يعتقد بأنّ ذلك العمل جميلٌ ويمثّل العدالة بعينها؛ لأنّهُ فعل اللّه في حين أنّ الإماميّة وكذلك المعتزلة يرون أنّ حسن الأشياء وقبحها ذاتيّان ، وأنّ الأفعال الإلهيّة تقوم على أساس المصالح والمفاسد الحقيقيّة، والعقل قادر على أن يدرك مصالح الأشياء ومفاسدها وحسنها وقبحها ، لكن لا في جميع المواضع ؛ لأنّه لا يحيط بجميع أسرار الوجود :
«وَ مَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَا قَلِيلاً» . ۱
على هذا، فإنّ الكثير من الأشياء الّتي يعتبرها الإنسان في نظرته الابتدائيّة شرّا وضارّة ومخالفة للعدالة والحكمة ، إذا ما أحاط علما بجميع أبعادها وآثارها سوف يكتشف أنّها تمثّل الخير والنفع ، وأنّها عين العدالة والحكمة .

1.الإسراء: ۸۵ .

  • نام منبع :
    موسوعة العقائد الاسلاميّة ج6
    المساعدون :
    برنجکار، رضا
    المجلدات :
    6
    الناشر :
    دار الحديث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق / 1387 ش
    الطبعة :
    الثالثة
عدد المشاهدين : 139924
الصفحه من 530
طباعه  ارسل الي