وتارة يكون الشيء ذا خير وشرّ على حدّ سواء فلا يعدّ من أحدهما . وهنا يطرح السؤال التالي : أيّ الأقسام المذكورة من الشرّ مخلوق من قبل اللّه سبحانه وتعالى ؟
لا شكّ ولا ريب في أنّ الحكيم سبحانه لايخلق ما اتّصف بالشرّ المطلق، كما لا يخلق ما كان شرّه غالبا على خيره، أو كان شرّه وخيره على حدّ سواء، وعليه فالمخلوق من قبل اللّه سبحانه هو القسم الأخير فحسب ، أعني ما كان خيره غالبا على شرّه .
3 . خلق الخير قبل الشرّ
جاء في عدد من الأحاديث أنّ اللّه ـ تعالى ـ خلق الخير قبل الشرّ ، كما نقرأ في الحديث القدسي :
أنَا اللّهُ الكَريمُ ، خَلَقتُ الخَيرَ قَبلَ الشَّرِّ .۱
يبدو أنّ في هذا النوع من الأحاديث إشارة إلى ملاحظة مهمّة يجب أن يلتفت إليها في تبيين خلق الشرور، هي أنّ الشرّ ، ليس له خلق مستقلّ منفصل عن الخير ، بمعنى أنّ اللّه تعالى لم يخلق الشيء الّذي هو شرّ في ذاته ، بل إنّ ما خلقه خيرٌ والشرّ يظهر تبعا لخلق الخير ، على سبيل المثال فإنّ اللّه سبحانه خلَقَ الأرض، وخَلقُها خيرٌ، ولكن بما أنّ ظاهرة الزلزال ملازمة لطبيعة الأرض فتخلق معها واللّه خلق الغيم والرياح والمطر وهي خيرٌ ، ولكنّها قد تستوجب أحيانا الأعاصير والسيول المضرّة .
4 . دور إرادة الإنسان في ظهور الشرور
تتمثّل المسألة الأهمّ حول موضوع الشرور وعدم تنافيها مع العدالة والحكمة الإلهيّتين، في دور الإنسان في ظهورها، فعلى الرغم من أنّه لا يوجد شيء خارج عن دائرة الخلق والتقدير الإلهي، إلّا أنّ إرادة الإنسان في حدوث الشرّ والإخفاقات