377
موسوعة العقائد الاسلاميّة ج6

وتارة يكون الشيء ذا خير وشرّ على حدّ سواء فلا يعدّ من أحدهما . وهنا يطرح السؤال التالي : أيّ الأقسام المذكورة من الشرّ مخلوق من قبل اللّه سبحانه وتعالى ؟
لا شكّ ولا ريب في أنّ الحكيم سبحانه لايخلق ما اتّصف بالشرّ المطلق، كما لا يخلق ما كان شرّه غالبا على خيره، أو كان شرّه وخيره على حدّ سواء، وعليه فالمخلوق من قبل اللّه سبحانه هو القسم الأخير فحسب ، أعني ما كان خيره غالبا على شرّه .

3 . خلق الخير قبل الشرّ

جاء في عدد من الأحاديث أنّ اللّه ـ تعالى ـ خلق الخير قبل الشرّ ، كما نقرأ في الحديث القدسي :
أنَا اللّهُ الكَريمُ ، خَلَقتُ الخَيرَ قَبلَ الشَّرِّ .۱
يبدو أنّ في هذا النوع من الأحاديث إشارة إلى ملاحظة مهمّة يجب أن يلتفت إليها في تبيين خلق الشرور، هي أنّ الشرّ ، ليس له خلق مستقلّ منفصل عن الخير ، بمعنى أنّ اللّه تعالى لم يخلق الشيء الّذي هو شرّ في ذاته ، بل إنّ ما خلقه خيرٌ والشرّ يظهر تبعا لخلق الخير ، على سبيل المثال فإنّ اللّه سبحانه خلَقَ الأرض، وخَلقُها خيرٌ، ولكن بما أنّ ظاهرة الزلزال ملازمة لطبيعة الأرض فتخلق معها واللّه خلق الغيم والرياح والمطر وهي خيرٌ ، ولكنّها قد تستوجب أحيانا الأعاصير والسيول المضرّة .

4 . دور إرادة الإنسان في ظهور الشرور

تتمثّل المسألة الأهمّ حول موضوع الشرور وعدم تنافيها مع العدالة والحكمة الإلهيّتين، في دور الإنسان في ظهورها، فعلى الرغم من أنّه لا يوجد شيء خارج عن دائرة الخلق والتقدير الإلهي، إلّا أنّ إرادة الإنسان في حدوث الشرّ والإخفاقات

1.راجع : ص ۲۳۰ ح ۶۰۵۱ .


موسوعة العقائد الاسلاميّة ج6
376

التقدير والتدبير الإلهيين .
وفي هذا المجال يصرّح القرآن الكريم:
«وَإِن تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُواْ هَـذِهِ مِنْ عِندِ اللَّهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُواْ هَـذِهِ مِنْ عِندِكَ قُلْ كُلٌّ مِّنْ عِندِ اللَّهِ» . ۱
ويقول أيضا :
«مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِى الْأَرْضِ وَ لَا فِى أَنفُسِكُمْ إِلَا فِى كِتَـبٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَ لِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ» . ۲
كما جاء في الحديث القدسي:
أنَا اللّهُ لا إلهَ إلّا أنَا ، خالِقُ الخَيرِ وَالشَّرِّ ، وهُما خَلقانِ مِن خَلقي .۳
وهنا بعض النقاط جديرة بالالتفات

1 . المراد من خلق الشرّ :

المعروف هو أنّ الشرّ يعود عند التحليل النهائي إلى أمر عدميّ أو أمر وجودي ينتهي إلى أمر عدميّ، وعلى هذا الأساس فلا يمكن أن يراد من خلق الشرّ خلق العدم ، بل المراد هو إيجاد ظاهرة تنتهي إلى العدم المضرّ ، نظير الزلازل والأعاصير والسيول ، بل والجراثيم الّتي تجرّ الإنسان من السلامة إلى المرض ، ومن الحياة إلى الموت .

2 . أيّ قسم من أقسام الشرور مخلوق من قبل اللّه ؟

تقدّم فيما سبق تقسيم الشرّ إلى المطلق والنسبي، وقلنا : إنّه قد يغلب شرّ الشيء على خيره فيعدّ هذا الشيء شرّا ، كما قد يغلب خير الشيء على شرّه فيعدّ خيرا ،

1.النساء: ۷۸ .

2.الحديد : ۲۲ ، وراجع : التغابن : ۱۱ و ص ۲۲۵ (تقدير الخير و الشر) .

3.راجع : ص ۲۲۷ ح ۶۰۴۶ .

  • نام منبع :
    موسوعة العقائد الاسلاميّة ج6
    المساعدون :
    برنجکار، رضا
    المجلدات :
    6
    الناشر :
    دار الحديث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق / 1387 ش
    الطبعة :
    الثالثة
عدد المشاهدين : 117635
الصفحه من 530
طباعه  ارسل الي