379
موسوعة العقائد الاسلاميّة ج6

كسبت أيديهم :
«وَ مَا أَصَـبَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَ يَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ» . ۱
هذا يعني أنّ المصائب والمنغّصات الّتي تواجه المجتمع ، مثل : الجفاف ، والغلاء، والأعاصير والزلازل وما إلى ذلك، إنّما سببها الذنوب الّتي يرتكبها الناس، ولكنّ هذه المصائب لا تمثّل عقوبة جميع ذنوبهم ؛ لأنّ الكثير من الذنوب يعفو عنها اللّه ـ تعالى ـ بحكمته، وإلّا لما بقي على الأرض من دابّة :
«وَ لَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُواْ مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ» . ۲
إنّ القرآن يعلن بصراحة أنّ الإنسان إذا لم يرتكب الأفعال القبيحة واختار الطريق الصحيح في الحياة ، فإنّ البركات الإلهيّة ستنهمر عليه من السماء والأرض :
«وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى ءَامَنُواْ وَاتَّقَوْاْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَـتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَْرْضِ وَلَـكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَـهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ» . ۳
في قبال ذلك إذا ما أساء الإنسان استغلال إرادته وحرّيته، فإنّه استنادا إلى سنّة الخلق الثابتة وغير القابلة للتغيير، لن يُنزل المصائب والمشاكل على نفسه وعلى مجتمعه وحسب، بل إنّ فساده سوف يمحو بركات الأرض ويثير الفساد في البرّ والبحر :
«ظَهَرَ الْفَسَادُ فِى الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِى النَّاسِ» . ۴

أقسام المصائب الّتي هي نتيجة أفعال الإنسان

يمكن تقسيم المصائب الّتي تحيق بالإنسان على إثر عمله السيِّئ إلى ثلاثة أقسام :

1.الشورى: ۳۰ .

2.فاطر: ۴۵ وراجع: النحل: ۶۱ .

3.الأعراف: ۹۶ وراجع: المائدة: ۶۶ .

4.الروم: ۴۱ .


موسوعة العقائد الاسلاميّة ج6
378

الّتي تناله لها دور أساسي استنادا إلى ذلك النظام ، لذلك فعلى الرغم من أنّ القران الكريم يعتبر جميع مظاهر السعادة والتعاسة الّتي تنال الإنسان، من جانب اللّه تعالى ، إلّا أنّه يصرّح في الوقت نفسه قائلاً:
« مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ» . ۱
بعبارة اُخرى : فإنّ الشرور من مخلوقات اللّه من جانب، ومنسوبة إلى الإنسان من جانب آخر ، فمن حيث إنّ جميع الأشياء تنتهي في نهاية المطاف إلى علّة العلل ومسبّب الأسباب، فإنّ الشرور مخلوقة أيضا من قبل اللّه ـ رغم أنّ خلقها تبعي ـ تنسب إلى الإنسان من حيث إنّ لإرادته دورا في ظهورها، كما روي عن الإمام الصادق عليه السلام ، في الدعاء حيث يناجي اللّه ـ تعالى ـ قائلاً:
الخَيرُ في يَدَيكَ وَالشَّرُّ لَيسَ إلَيكَ .۲
بناء على ذلك فإنّ الشرور مخلوقة من قبل اللّه ليست منسوبة إليه .

سابعا : فلسفة مصائب الواعين من الناس

بالنظر إلى ما جاء في المسائل الستّة من هذا التحليل ، ومن خلال التأمّل في الآيات والروايات الّتي تشير إلى فلسفة الشرور والمصائب والإخفاقات، يمكن أن نخلص إلى هذه النتيجة وهي أنّ مصائب الأشخاص الواعين هي إما أثر لأفعالهم القبيحة وإمّا سبب لتكاملهم.
وتوضيح ذلك يتم عبر النقاط التالية :

1 . المصائب الّتي هي نتيجة أفعال الإنسان

يرى القرآن الكريم أنّ جميع المصائب الّتي يُبتلى بها الأشخاص المكلّفون والواعون الذين يرتكبون المعاصي والذنوب ، إنّما هي شمار أفعالهم ونتيجة ما

1.النساء: ۷۹ .

2.راجع : ص ۲۳۱ ح ۶۰۵۵ .

  • نام منبع :
    موسوعة العقائد الاسلاميّة ج6
    المساعدون :
    برنجکار، رضا
    المجلدات :
    6
    الناشر :
    دار الحديث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق / 1387 ش
    الطبعة :
    الثالثة
عدد المشاهدين : 115812
الصفحه من 530
طباعه  ارسل الي