383
موسوعة العقائد الاسلاميّة ج6

وبناؤه، حيث يصرّح القرآن الكريم أنّ الإنسان يمحَّص من خلال «الشرّ» و«الخير»:
«وَ نَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَ الْخَيْرِ فِتْنَةً» . ۱
و« الشرّ » يشمل أنواع المصائب ، والأمراض والمشاكل في الحياة ، و« الخير » يشمل أنواع النعم والمسرّات .
روي عن الإمام الصادق عليه السلام إنّ أمير المؤمنين عليه السلام مرض ذات مرّة ، فدخل عليه جماعة لعيادته فسألوه: كيف أصبحت:؟ فأجابهم بغير ما كانوا يتوقّعوه منه قائلاً :
أصبَحتُ بِشَرٍّ !
فسألوه متعجبين :
سُبحانَ اللّهِ ، هذا مِن كَلامِ مِثلِكَ ؟!۲
فأجابهم الإمام قائلاً :
يَقولُ اللّهُ تَبارَكَ وتَعالى :«وَ نَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَ الْخَيْرِ فِتْنَةً»۳، فَالخَيرُ الصِّحَّةُ وَالغِنى ، وَالشَّرُّ المَرَضُ وَالفَقرُ ابتِلاءً وَاختِبارا .۴
فالآية المذكورة في كلام أمير المؤمنين عليه السلام هي دليل واضح على أنّ حكمة بعض المصائب هي الاختبار والابتلاء ، كي يبلغ الإنسان الكمال نتيجة «الصبر» والتحمّل والنجاح في الاختبار ، وقد جاء هذا المعنى في آية اُخرى :
«وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَىْ ءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَ الْجُوعِ وَ نَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَ لِ وَ الْأَنفُسِ وَ الثَّمَرَ تِ وَبَشِّرِ الصَّـبِرِينَ» . ۵
على هذا الأساس، فإنّ الشرور والمصائب الّتي الهدف منها اختبار الإنسان

1.الأنبياء : ۳۵ .

2.راجع : ص ۴۰۲ ح ۶۴۱۳ .

3.البقرة: ۱۵۵ .


موسوعة العقائد الاسلاميّة ج6
382

«كَلَا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ» . ۱
وبلايا الحياة ومصائبها، هي من عوامل جلاء صدأ الذنوب وتطهير النفس من أرجاسها، فروح الإنسان تتطهّر وتصفو في بوتقة المصائب، وقد روي عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله في هذا الصدد:
ما يُصيبُ المُؤمِنَ مِن وَصَبٍ ، ولا نَصَبٍ ، ولا سَقَمٍ ، ولا حَزَنٍ ؛ حتّى الهَمِّ يُهَمُّهُ ، إلّا كُفِّرَ بِهِ مِن سَيِّئاتِهِ .۲
بناء على ذلك ، فإنّ مصائب الحياة ومشاكلها بالنسبة إلى الأشخاص الذين يبتلون أحيانا برجس الذنوب، ليست تحذيرا وتوعية وحسب ، بل هي لإزالة الغشاوات الّتي توجدها الذنوب في نفوسهم أيضا ، وبذلك تزول موانع الانتفاع من العبادات في طريق سيرهم باتّجاه الكمال المعنويّ والروحيّ، كما روي عن الإمام علي عليه السلام :
الحَمدُ للّهِِ الَّذي جَعَلَ تَمحيصَ ذُنوبِ شيعَتِنا فِي الدُّنيا بِمِحَنِهِم ، لِتَسلَمَ بِها طاعاتُهُم ويَستَحِقّوا عَلَيها ثَوابَها .۳
على هذا الأساس، فإنّ مصائب الحياة تعدّ من النعم الإلهيّة الكبرى لأهل الإيمان ، كما روي عن الإمام جعفر بن محمّد الصادق عليه السلام :
للّهِِ فِي السَّرّاءِ نِعمَةُ التَّفَضُّلِ ، وفِي الضَّرّاءِ نِعمَةُ التَّطَهُّرِ .۴

2 . المصائب البنّاءة

إنّ الهدف والحكمة من بعض شرور الحياة ومصائبها وبلاياها، اختبار الإنسان

1.المطففين : ۱۴ .

2.راجع : ص ۴۱۰ ح ۶۴۴۰ وتحف العقول : ص ۳۸ وبحار الأنوار : ج ۷۷ ص ۱۴۲ ح ۲۹ .

3.راجع : ص ۴۱۳ ح ۶۴۵۲ .

4.راجع : ص ۴۱۳ ح ۶۴۵۳ .

  • نام منبع :
    موسوعة العقائد الاسلاميّة ج6
    المساعدون :
    برنجکار، رضا
    المجلدات :
    6
    الناشر :
    دار الحديث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق / 1387 ش
    الطبعة :
    الثالثة
عدد المشاهدين : 140058
الصفحه من 530
طباعه  ارسل الي