465
موسوعة العقائد الاسلاميّة ج6

وبشكلٍ عام يمكن القول إنّ المذاهب المختلفة ـ عدا النظرة الاسلامية ـ على قسمين ؛ فطائفة ترى أنّ اللذائذ والكمالات المعنويّة هي السعادة ، فيما هناك طائفة اُخرى تراها في اللذائذ الماديّة ، وأمّا النظرة الإسلاميّة فهي كالتالي :

السعادة والشقاء في الرؤية الإسلامية

من خلال نظرة إجماليّة إلى الآيات والروايات الواردة في هذا الفصل ، يتّضح أنّ التمتّع بخصوص اللذائذ الماديّة ليس هو السعادة حسب الرؤية الإسلاميّة ، كما أنّ التمتّع بخصوص اللذائذ المعنويّة لا يُعدّ سعادة كاملة أيضا ، بل إنّ التمتّع باللذائذ الماديّة والمعنويّة معا في الدنيا والآخرة هو كمال السعادة .
وفي المقابل ، فكلّ ما يحطّ التمتّع المادّي أو المعنويّ للإنسان في الدنيا والآخرة ، يعدّ شقاء .
بعبارة اُخرى ، فإنّ الإسلام هو برنامج تكامل الجسم والروح ، المادّة والمعنى ، والضامن لسعادة الإنسان في الدنيا والآخرة إلى جانب بعضهما البعض ، على هذا الأساس فإنّ ما يؤدّي إلى سرور الإنسان ورخائه المادّي ـ على شرط ألّا يكون مضرّا بحياته المعنويّة وحياته الاُخرويّة ـ يعتبر سعادة ، وفي المقابل فإنّ ما يؤدّي إلى عناء الإنسان ومشقّته الماديّة يُسمّى شقاءً ، شريطة ألّا يكون أرضيّة لتأمين حياته المعنويّة ورخائه الأكمل .
على هذا ، فإنّ ما جاء في الروايات في بيان مصاديق السعادة ۱
، مثل : الوجه الحسن ، الزوجة الجميلة والصالحة ، البيت الواسع والدابّة الحسنة ، كذلك ما جاء في بيان الشقاء ۲ ، مثل : الزوجة غير الصالحة ، الدار الضيّقة ، الدابّة غير المناسبة ؛ إنما هو بعض مصاديق السعادة والشقاء .

1.راجع : ص ۴۶۹ (أمارات السعادة) .

2.راجع : ص ۴۷۵ (أمارات الشقاء) .


موسوعة العقائد الاسلاميّة ج6
464

في تحديدهما في الرؤية الإسلاميّة ۱ موافق أيضا للتفسير المذكور للسعادة والشقاء .
ونظرا للآيات الكريمة والروايات الشريفة الواردة في هذا القسم ، نرى من الضروريّ بيان معنى السعادة والشقاء في المذاهب المختلفة وفي الرؤية الإسلاميّة .

السعادة والشقاء في المذاهب المختلفة

تقدم أن السعادة هي الحصول على الخير والكمال ، والشقاء هو الابتلاء بالشرّ والنقص ، وعليه فيمكننا القول فيما يتعلّق بهذا التعريف الكلّي إنّه لا خلاف فيه بين المذاهب الفكرية المختلفة ، وانما وقع الخلاف بينها في تفسير مصاديق الخير والشرّ ، والنقص والكمال .
وقد حظيت هذه المسألة منذ القدم وحتّى اليوم باهتمام الباحثين والفلاسفة ، وعلى سبيل المثال ، فإنّ السعادة ليست سوى اللّذة من وجهة نظر أبيقورس ۲
، فقد كان يعتبر اللّذة غاية الإنسان ، ويؤكّد أنّ اللّذة خير مطلق ، يجب أن تكرّس جميع أفعال الإنسان باتّجاه اكتسابها ، نعم مراده من اللّذة هو كسب الفضائل واللّذات الروحيّة . ۳
ويرى أرسطو أنّ السعادة هي رعاية الحدّ الوسط ، أو الاعتدال . ۴
ويرى بينشه أنّ الكمال ما هو إلّا القوّة . ۵
وكان اسبينوزا يعتبر السعادة والكمال صيانة الذات . ۶

1.راجع : ص ۳۹۱ (الميزان في معرفة الخير والشّر) .

2.اسم حكيم يوناني أسّس المذهب الأبيقورسي ، ولد سنة ۳۴۱ ق. م (معجم دهخدا ـ فارسي ـ) .

3.تاريخ الفلسفة لكابلستن : ج ۱ ص ۵۶۱ ، معجم دهخدا ـ فارسي ـ : «ابيقورس» .

4.تاريخ الفلسفة لكابلستن : ج ۱ ص ۴۵۸ .

5.اخلاق ، اسبينوزا : ص ۲۲۵ .

  • نام منبع :
    موسوعة العقائد الاسلاميّة ج6
    المساعدون :
    برنجکار، رضا
    المجلدات :
    6
    الناشر :
    دار الحديث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق / 1387 ش
    الطبعة :
    الثالثة
عدد المشاهدين : 139855
الصفحه من 530
طباعه  ارسل الي