وعلى هذا الأساس ، فقد رأى أتباع أهل البيت عليهم السلام أنّ أهميّة العدل الإلهي تساوي أهميّة التوحيد ، واعتبروهما أساس الدين ، حتّى أنّ شخصا سأل الإمام الصادق عليه السلام : إنّ أساس الدين التوحيدُ والعدلُ ، وعِلمُهُ كثير ، ولابدّ لعاقلٍ منه ، فاذكُر ما يَسهُلُ الوقوفُ عليه ويتهيّأ حِفُظُه .
فأجاب الإمام عليه السلام مقرّرا كلام السائل :
أَمَّا التَّوحيدُ ، فَأَن لا تُجَوِّزَ عَلى رَبِّكَ ما جازَ عَلَيكَ ، وَأمَّا العَدلُ فَأَن لا تَنسُبَ إِلى خالِقِكَ ما لامَك عَلَيهِ .۱
إنّ هذا الكلام يعني أنّ الموحّد هو الشخص الّذي لا يجوّز على خالقه ما يجوّزه على نفسه باعتباره مخلوقا ، فالمخلوق حادث ، ولكنّ الخالق لا يمكن أن يكون حادثاً ، والمخلوق محتاج ، ولكنّ الخالق لا يمكن أن يكون محتاجا ، وهكذا .
كما يعني الاعتقاد بالعدل الإلهي أن لا تنسب إليه القيام بالأفعال السيّئة الّتي يُلام الإنسان على فعلها ، وأن لا تعتبره ظالما ، وأن لا تبرّر أفعاله بشكل بحيث يعتبره العقل ظالما . بعبارةٍ اُخرى ، فقد أوضح الإمام الصادق عليه السلام لهشام بن الحكم العدل الإلهي بقوله : «مِنَ العَدلِ ألّا تَتَّهِمَهُ ، وَمِنَ التَّوحيدِ ألّا تَتَوَهَّمَهُ» .۲
أي أنّ الّذي يتّهم اللّه بإجبار الإنسان على القيام بالأعمال القبيحة من خلال تفسيره الخاطئ للقضاء والقدر ، فإنّه في الحقيقة لا يعتبره عادلاً ، حتّى وإن استدلّ على كلامه . وممّا يجدر ذكره أنّ المعتزلة (فرقة من أهل السنّة) كانت تتّفق في العقيدة مع الإمامية بشأن الحُسن والقبح العقليين والعدل الإلهي ، وقد كان اختلافهم مع الأشاعرة في هذا المجال بحيث سُمّي الإمامية والمعتزلة ب «العدلية» أو «أصحاب العدل والتوحيد» . ۳