الوجودي أوّلاً من كلّ جهة ، ويطلق على هذا النطاق «القَدَر» وعلى هذا العمل «التقدير» .
ويأتي بعد «التقدير» دور المقدّمة الثانية وهي «القضاء» ، حيث نُقل عن الإمام الرضا عليه السلام في تفسير هذه المقدّمة قوله :
القَضاءُ : هوَ الإِبرامُ وَإِقامَةُ العَينِ .۱
وفي هذه المرحلة يحقّق اللّه في الخارج ما قدّره . وبعبارة اُخرى فإنّ الوجود العيني لكلّ ظاهرة هو في الحقيقة تثبيت وجودها التقديري .
وعلى هذا ، فإنّ القَدَر مقدّم على القضاء ، وإذا ما قُدّم «القضاءُ» في القول والكتابة ، فالسبب في ذلك السهولة في استخدامهما .
ثالثا : النهي عن البحث عن سرّ القَدَر
الملاحظة الّتي تستحقّ الاهتمام في معرفة علم القضاء والقدر هي أنّ هذا العلم يبلغ من الأهميّة بحيث إنّه ارتبط ارتباطا وثيقا بعلم القرآن من جهة ، ومن جهة اُخرى فقد ورد النهي الشديد عن البحث عن سرّ القدر . ۲
ويمكننا أن نجمع بين هذه الروايات بالقول : إنّ السعي لتحصيل علم القضاء والقدر مطلوب ، ولكنّ السعي لمعرفة سرّ القضاء والقدر ممنوع .
إنّ الإحاطة علما بمعنى القضاء والقدر وأقسامهما ودورهما في الخلق والشرور وأفعال الإنسان والسعادة والشقاء واُمور من هذا القبيل ، هي علم القضاء والقدر الّذي ليس مطلوبا وحسب ، بل إنّه ضروري . وأمّا محاولة معرفة لماذا قدّر اللّه ـ تعالى ـ مثل هذا التقدير في هذا المجال فيما حكم بتقدير آخر في ذلك المجال ، فإنّها بحث عن سرّ القضاء والقدر الّذي ليس هو غير مطلوب وحسب،بل إنّه ممنوع.