91
موسوعة العقائد الاسلاميّة ج6

الحديث النبويّ :
الإِيمانُ بِالقَدَرِ نِظامُ التَّوحيد .۱
وقد ورد التأكيد في أحاديث كثيرة أنّ الإنسان سوف يُحرم من بركات الإيمان الحقيقي ما لم يُؤمن بالتقدير الإلهي ، بل وُصِفَ مَن يدّعي الإسلام ثمّ ينكر القَدَر بأنّه كافر ومجوسي وملعون . ۲
ولكنّ الملاحظة المهمّة هي أنّنا يجب أن نلتفت إلى أنّ الإيمان بالتقدير لا يتنافى مع التدبير والتخطيط والسعي من أجل حياةٍ أفضل وحسب ، بل إنّ التدبير والسعي هما نوع من التقدير ، كما يصرّح بذلك القرآن :
«وَ أَن لَّيْسَ لِلْاءِنسَـنِ إِلَا مَا سَعَى» . ۳
وهذا يعني أنّ الإنسان في نظام الخلق وعلى أساس التقدير الإلهي ، لن ينتفع إلّا من تدبيره وسعيه ، على هذا الأساس فإنّ الدواء والدعاء والتمسّك بالأسباب الاُخرى يُعدّ مفيدا للإنسان ، كما جاء في الحديث النبويّ :
الدَّواءُ مِنَ القَدَرِ ، وَقَد يَنفَعُ بِإِذنِ اللّه .۴
استنادا إلى ذلك فإن كانت هناك روايات تدلّ في الظاهر على التنافي مع التدبير والتقدير ، فإنّ المراد منها شيء آخر بالتأكيد . ۵

ثامنا : آثار الرضا بالقضاء والقدر

يعتبر الرضا بالقضاء الإلهي من التعاليم الإسلامية المهمّة ، بمعنى أنّ الإنسان

1.راجع : ص ۳۳۰ ح ۶۲۱۴ .

2.راجع : ص ۳۲۹ (الإيمان بالقضاء والقدر) .

3.النجم : ۳۹ .

4.راجع : ص ۳۳۴ ح ۶۲۳۹ .

5.راجع : ص ۳۳۷ (توضيح حول ما يدلّ في الظاهر على التنافي بين التقدير والتدبير) .


موسوعة العقائد الاسلاميّة ج6
90

يتوقّفان على بعض الشروط ، ولا يتحقّقان إلّا في حالة تحقّقها ، وسوف ندرس هذا الموضوع بالتفصيل وكذلك دور «البداء» في القضاء والقدر ۱ ، ودور القضاء والقدر في ظهور الشرور ۲ ، وفي أفعال الإنسان ۳ ، وفي سعادته وشقائه . ۴

سادسا : معنى الإيمان بالقضاء والقدر

يتّضح معنى الإيمان بالقضاء والقدر استنادا إلى المباحث السابقة . وباختصار : فإنّ الإيمان بالقضاء والقدر هو الاعتراف بالشيء مع العلم بأنّ جميع ما في العالم ـ سواء ما تعلّق منها بالإنسان أم بغيره ـ هي بالقضاء والقدر الإلهيين ، وأنّ مقدّرات الإنسان لا تستوجب الجبر ولا التفويض . وعلى هذا ، فإنّ ما جاء في بعض الروايات من أنّه :
لا يُؤمِنُ عَبدٌ حَتّى يُؤمِنَ بِالقدر خَيرِهِ وَشرَِّهِ ، حَتّى يَعلَمَ أَنَّ ما أَصابَهُ لَم يَكُن ليُخطِئَهُ وَما أَخطَأَهُ لَم يَكُن ليُصيبَهُ .۵
هو في الحقيقة بيان لأحد المصاديق البارزة للإيمان بالقضاء والقدر ؛ ذلك لأنّ الّذي يؤمن بالتقدير الإلهي يعلم بوضوح أنّ ما يحدث في حياته أو لا يحدث ، حسنا كان أم سيّئا ، قبيحا أم جميلاً ، هو على أساس التقدير الإلهي .

سابعا : أهميّة الإيمان بالقضاء والقدر

بما أنّ الإيمان بالتقدير الإلهي يُلازم في الحقيقة إنكار أيّ دور لغير اللّه سبحانه في تدبير عالم الوجود ، فقد اعتُبر أحد الأركان الأصلية للتوحيد ، كما جاء في

1.راجع : ص ۱۴۹ (البداء في القضاء والقدر) .

2.راجع : ص ۲۳۳ (دور القضاء والقدر في المصائب والشرور) .

3.راجع : ص ۲۳۷ (دور القضاء والقدر في أفعال الإنسان) .

4.راجع : ص ۳۰۹ (دور القضاء والقدر في السعادة والشقاوة) .

5.راجع : ص ۳۲۹ ح ۶۲۱۲ .

  • نام منبع :
    موسوعة العقائد الاسلاميّة ج6
    المساعدون :
    برنجکار، رضا
    المجلدات :
    6
    الناشر :
    دار الحديث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق / 1387 ش
    الطبعة :
    الثالثة
عدد المشاهدين : 115842
الصفحه من 530
طباعه  ارسل الي