تَسبِقهُم بِالزُّلفِ والقُربَةِ والدَّرَجاتِ فِي الدُّنيا وَالآخِرَةِ » . 1
كلّ ذلك هو غيض من فيض وقطرة من بحر أقوال تلك الشخصية التي تجسّد فيها العقل . وعلى أيّ حال ، فإنّنا نؤكّد ونصرّ على هذه الحقيقة ، وهي أنّ بين «العلم» و«الإيمان» علاقة وثيقة لا تنفصم عراها من وجهة نظر الدين الذي جاء به رسول اللّه صلى الله عليه و آله وقام بنشره ودعا إليه ، والقرآن الذي هو برنامج السلوك الفردي والاجتماعي ، وأنّ العقلاء والعلماء والواعين هم الذين يؤمنون بالمعارف الإلهية وميراث الأنبياء ومكانتهم السامية :
« وَ يَرَى الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ الَّذِى أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَ يَهْدِى إِلَى صِرَ طِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ» . 2
وأمّا ما قاله البابا حول الجهاد متصوّرا أنّ الإسلام انتشر بين الناس بحدّ السيف ، فإنّما يدلّ على أنّه لا يحيط علما أبدا بحكم «الجهاد» وفلسفته في الإسلام . وسوف نسلّط الضوء على هذه الحقيقة في باب السيرة العملية لرسول اللّه صلى الله عليه و آله ، مستندين إلى الوثائق التاريخية ، وسنوضّح أنّ رسالة النبيّ صلى الله عليه و آله كانت قائمة على أساس الدليل والبرهان إلى جانب الموعظة الحسنة والتعامل النزيه بين الأفكار ، كي تشكّل الأرضية لحضور الحقّ والتعاليم الإلهيّة على مسرح الذهن وحياة الإنسان ، وخلاصه من المهانة وذلّ الجهل والشرك ، وبلوغه ذروة الكرامة والتوحيد .
ونحن لا نريد الآن أن نشير إلى تعاليم المسيحية التي يتمسّكون بها منذ قرون ، وننوّه إلى التناقضات في تعاليم مثل «التثليث» «حفلة ولادة اللّه » «ذهاب المسيح ضحيّة المذنبين» و «العشاء الربّاني» ومساعي بعض المتكلّمين المسيحيّين لتقديم تأويلات وتبريرات عجيبة للخلاص من هذا الظاهر المضحك ؛ ذلك لأنّ ذكرى «محاكم التفتيش» ومحاكمة مفكّرين مثل غاليلو وغيره ، مازالت عالقة في ذاكرة التاريخ .