183
الفوائد الرجاليّة

عند بعضهم فمستفيض ، من فاض الماء ، وقد يقال له : المشهور . وقد يجعل النسبة بينهما العمومَ المطلق بجعل المستفيض ما اتّصف بذلك في ابتدائه وانتهائه على السواء و جُعل المشهور أعمَّ من ذلك ، وقد يطلق المشهور على ما اشتهر في الألْسنة وإن اختصّ بإسناده واحد ، بل وإن لم يوجد له إسناد أصلاً .
ويقابل المشهورَ بالمعنى الأوّل الغريبُ ، وهو الحديث الذي تفرّد به راوٍ واحدٌ في أيّ موضع وقع التفرّد به من السند وإن تعدّدت الطرق إليه أو منه .
وإن كان لا يرويه أقلُّ من اثنين عن اثنين ، سمّي عزيزاً ؛ لقلّة وجوده .

[ أقسام الخبر باعتبار سنده ]

ثمّ الخبر باعتبار السند ينقسم إلى أقسام أربعة ـ وهذه أُصول الأقسام ، وباقي الأقسام كما سيجيء يرجع إليها وقد أشرنا سابقاً إلى وجه الحاجة إلى ذلك التقسيم وهو انقطاع اليد عن القرائن الموجبة للاطمئنان في كثير من الأخبار ، فلاحظوا المرجّحاتِ الداخليّةَ ، وأسّسوا ذلك لكي ينفعهم في مقام انقطاع اليد عن الأمارات الخارجيّة وفي مقام التعارض ـ :
الأوّل : الصحيح ، وهو ما اتّصل سنده إلى المعصوم بنقل العدل الإمامي عن مثله في جميع الطبقات وإن اعتراه شذوذ ، فخرج ب «اتّصال السند» المقطوع في أيّ مرتبة ، وب «الإنتهاء إلى المعصوم» ما لم ينته إليه ، كما لو انتهى إلى الصحابي أو التابعي ، وشمل «المعصوم» الساداتِ الأربعةَ عَشَرَ ـ صلوات اللّه عليهم أجمعين ـ وب «نقل العدل» الحسنُ والضعيف ، وب «الإمامي» الموثّقُ ، وبقولنا : «في جميع الطبقات» ما اتّفق فيه بغير الوصف المذكور ولو واحداً .
والمراد من الوُصليّة ۱ التنبّه على خلاف ما اصطلح عليه العامّة ؛ حيث

1.أي قوله : «وإن اعتراه شذوذ» .


الفوائد الرجاليّة
182

والمراد من أخذ قيد الكثرة أنّ لها لابدّ أن يكون مدخليّة في إفادة العلم ، فدخل في المتواتر ما كانت الكثرة فيه علّة تامّة لحصول العلم أو جزءَ علّةٍ كما لو انضمّت معها القرائن الداخليّة ، وخرج منه ما كانت العلّة التامّة فيه هي القرائن .
وإلاّ فآحاد ؛ فمثل حديث «إنّما الأعمال بالنيّات » ۱ آحاد ؛ لما اشتهر بين المحدّثين من أنّه ممّا تفرّد بروايته من النبيّ عمرُ ، وإن كان قد خطب به على المنبر فلم يُنكَر عليه ، ثمّ تفرّد به عنه علقمةُ ، ثمّ تفرّد به عن علقمة محمّد بن إبراهيم ، ثمّ تفرّد به يحيى بن سعيد عن محمّد ، ثمّ قيل : إنّه رواه عن يحيى بن سعيد أكثرُ من مائة نفْس ، بل عن أبي إسماعيل الهروي أنّه قال : كتبته من سبعمائة طريقٍ عن يحيى بن سعيد .
وعن بعض المتأخّرين أنّ هذا الحديث روي أيضاً عن أمير المؤمنين عليه السلاموأبي سعيد الخُدْري وأنس في الطبقة الأُولى . وعلى هذه الحكاية أيضاً لا يخرج من الآحاد .
ومثل حديث : «من كَذَب عليَّ متعمّداً فليتبوّأ مقعدَه من النار » لعلّه متواتر ؛ لنقله عن النبيّ الجمُّ الغفير من الصحابة وهم أربعون على نقلٍ ، واثنان وستّون على آخَرَ ، ولم يزل العدد في الزيادة في الطبقات اللاحقة بمعنى أنّ هذا الحديث من المتواتر عند من اطّلع على هذه الطرق المتكثّرة في الطرفين والأوساط .
فعلى هذا كلّ أخبارنا في الفرعيّات أو جُلُّها آحاد ، وإن كان يُحتمل أن يكون جلّها من المتواترات عند مؤلّفي كتب أخبارنا . وما أنكرنا تحقّقه في أخبارنا إنّما هو التواتر اللفظي ، وأمّا التواتر المعنوي ففي غاية الكثرة في أُصول الشرائع .
ثمّ الخبر الواحد إن زادت رواته عن ثلاثة في كلّ مرتبة أو زادت عن اثنين

1.تهذيب الأحكام ۱ : ۸۳ / ۶۷ و۴ : ۱۸۶ / ۱ و۲ ؛ وسائل الشيعة ۱ : ۴۸ / ۶ و۷ و۱۰ و۶ : ۵ / ۲ و۳ و۱۰ : ۱۳ / ۱۱ و۱۲ . وفي مصادر السنة بخصوصياته : صحيح البخاري ۱ : ۲ ؛ سنن ابن ماجة ۲ : ۱۴۱۳ ؛ سنن أبي داود ۱ : ۴۹۰ .

  • نام منبع :
    الفوائد الرجاليّة
    المساعدون :
    رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1424ق / 1382ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 56672
الصفحه من 271
طباعه  ارسل الي