189
الفوائد الرجاليّة

[ انجبار ضعف الخبر بالشهرة ]

والمنع من جبر الضعف بالشهرة ۱ ـ بتخيّل أنّ هذا إنّما يتمّ إذا كانت الشهرة متحقّقة قبل زمن الشيخ ، والأمر ليس كذلك ؛ فإنّ مَن قبله من العلماء كانوا بين مانع من الخبر الواحد مطلقاً كالمرتضى والأكثر ـ على ما نقله جماعة ـ وبين جامع للأحاديث من غير التفات إلى تصحيح ما يصحّ وردّ ما يردّه ، فالعمل بمضمون الخبر الضعيف قبل زمن الشيخ على وجه يجبر ضعفه ليس بمحقّق ، ولمّا عمل الشيخ بمضمونه في كتبه الفقهيّة : جاء مَن بعده من العلماء واتّبعه عليها الأكثر تقليداً له إلاّ من شذّ منهم . ولو تأمّل المنصف وحرّر المنقّب ، لوجد مرجع ذلك كلّه إلى الشيخ . ومثل هذه الشهرة لا يكفي في جبر الضعف ، بخلاف ثبوت فتوى المخالفين بأخبار أصحابهم ؛ فإنّهم كانوا منتشرين في أقطار الأرض من أوّل زمانهم ولم يزالوا في ازدياد ـ ضعيف ۲ بأنّ الفتوى لم تكن بأمرٍ بِدْعٍ حدث بين المتأخّرين بمتابعة الشيخ ، بل كان ذلك حاصلاً من زمان الأئمّة إلى زماننا ، وعليه شواهدُ في الأخبار أيضاً .
والمنع من الخبر الواحد منحصر في أربعة أو خمسة ، ولعلّ ناقله من الأكثر لاحظ دعوى المرتضى رحمه الله الإجماع والضرورة عليه ، وغفل عن سيرة المحدّثين ، وإلاّ فالذي يظهر من أحوال المفيد رحمه الله ومَن تقدّمه نقدُ الأخبار وانتخابها وردّ البعض بالإرسال والضعف ونحو ذلك بحيث يحصل الجزم بأنّ بناءهم كان على العمل بالخبر الواحد في الفرعيّات من دون نكير .
ومقتضى ذلك أنّ قبل الشيخ إلى أوائل الأئمّة إمّا الناس كانوا لا يعملون بشيء أو كانوا جميعاً قاطعين ، وكلتا الدعويين مردودة إلى مدّعيها والكاشف عن

1.يأتي خبره بعد عدّة أسطر بقوله : ضعيف .

2.هذا خبر لقوله : «المنع من جبر الضعف بالشهرة» .


الفوائد الرجاليّة
188

وقد يطلق القويّ على مرويّ الإماميّ غير المذموم ولا الممدوح كنوح بن درّاج وأمثاله .
والمراد من فساد العقيدة أعمُّ من أن يكون لكونه من العامّة أو من الخاصّة غير الإماميّة من سائر فرق الشيعة .
الرابع : الضعيف ، وهو ما لم يجتمع فيه شروط أحد الثلاثة المتقدّمة باشتمال طريقه على مجهول على رأي فتدبّر ، أو مجروحٍ .
ثمّ إنّ الأقسام الأربعة لكلّ واحد منها درجات يتدرّج بحسبها قوّة وضعفاً ، فما رواه الإمامي الثقة الفقيه الورع الضابط أصحّ ممّا رواه الناقص في بعض تلك الأُوصاف . وكذا الكلام في سائر الأقسام .

[ فائدة تقسيم الخبر بالأقسام الأربعة ]

ثمّ إنّ هذا التقسيم ممّا لا فائدة فيه عند من يحذو حَذْوَ السيّد في المنع من العمل بخبر الواحد إلاّ لتحصيل التواتر أو القطع في الخبر الواحد على بعض الوجوه ، وعند غيرهم ـ ممّن يرى حجّيّة الصحيح والحسن والموثّق ـ تظهر الفائدة عند التعارض ، وعند من يرى حجّيّة الصحيح فقط أو مع الحسن تظهر في الحجّيّة وعدمها .
وأمّا على مذاقنا ـ من أصالة حجّيّة الأخبار المظنون صدورها الذي وجدناه طريقة المحدّثين ـ فهذه الأقسام تنفع في مقام حصول الظنّ وعدمه وفي مقام التعارض ؛ فإنّ الظنّ الحاصل من الصحيح أقوى من الظنّ بالصدور الحاصلِ من الحسن . وربما يكون الظنّ بالصدور الحاصلُ من الضعيف المنجبر سنده بالشهرة أقوى من الظنّ الحاصل من الحسن والموثّق ، بل الصحيحِ إن لم يحتمل فيه صدوره عن تقيّة وإلاّ يحمل عليه ، وإن كان الظنّ بصدوره أقوى من الظنّ بصدور الضعيف المنجبر .

  • نام منبع :
    الفوائد الرجاليّة
    المساعدون :
    رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1424ق / 1382ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 56635
الصفحه من 271
طباعه  ارسل الي