199
الفوائد الرجاليّة

على الآخَر كما هو واضح ، وعلى الثالث فليعلم أوّلاً : أنّ الإختلاف بكون المزيد صحيحاً وغيرِه ضعيفاً غيرُ معقول ، فانحصر الأمر بالعكس كما لو كان الشخص الزائد ضعيفاً . فعلى فرض تسليم غير المزيد مرسلاً يلغو أيضاً ذلك البحثُ عند القائل بعدم حجّيّة المراسيل ؛ لضعف السند على الوجهين . وكذا عند القائل بالحجّيّة ؛ لاعتبار الخبر من هذه الجهة . فجعل المقام من باب تعارض الجارح والمعدِّل ، وإبداء الفارق في مقام الجواب ممّا لا نرى له وجهاً ؛ فتدبّر جدّاً .
ومنها : المختلف ، وهو أن يوجد حديثان متضادّان في المعنى ظاهراً .
والوصف بالاختلاف إنّما هو بالنظر إلى صنفه لا إلى شخصه ؛ فإنّ الحديث الواحد نفسه ليس بمختلف بل إنّما هو مخالف لغيره .
وذكروا أنّ حكمه الجمع بينهما حيث يمكن ، ولو بوجه بعيد يوجب تخصيص العامّ منهما أو تقييد مطلقه أو حمله على خلاف ظاهره ، وإلاّ يمكن الجمع فإن علمنا أنّ أحدهما ناسخ قدّمناه كما في الأخبار النبويّة ، وإلاّ رُجّح أحدهما بالوجه المقرّر في علم الأُصول من صفة الراوي والرواية والكثرة وغيرها .
وقالوا : إنّه أهمّ فنون علم الحديث ولا يملك القيام به إلاّ المحققّون من أهل البصائر المتضلّعون من الفقه والأُصول .
وقد صنّف فيه الناس كثيراً أوّلهم الشافعي ۱ ومن أصحابنا الشيخ أبو جعفر الطوسي ؛ فإنّ مبنى استبصار ه على الجمع بين ما اختلف من الأخبار .
وأنت خبير بأنّه لا دليل على لزوم الجمع ولاعلى جواز بناء العمل على أيّ جمع اتّفق ولاسيّما إذا كان بالوجه البعيد .
والتحقيق أنّه إن كان شاهد على الجمع أوصار أحد الخبرين بفهم العرف قرينةً صارفة للآخَر عن ظاهره لا بدّ من الأخذ به كما في صلاة العاري للأوّل ،

1.فقد ألّف الإمام محمّد بن إدريس الشافعي (م۲۰۴ ه ) كتاب اختلاف الحديث .


الفوائد الرجاليّة
198

على التعديل بسبب زيادة علم الجارح على المعدّل ، والأمر فيما نحن فيه بالعكس ؛ لزيادة علم الموصِل على المرسل ؛ لأنّ من وصل اطّلع على أنّ الراوي للحديث فلان عن فلان إلى آخر السلسلة ، ومن أرسل لم يطّلع على ذلك كلّه ، فترك بعض السند لجهله . ۱
وأنت خبير بأنّ المزيد إنّما هو من الخبر الواحد الشخصي ، وهو ما سمعه الراوي عن الإمام الخاصّ في الوقت الخاصّ ، وإلاّ فلو كان في البين خبران مختلفان في بعض المداليل ـ اختلافاً يوجب اختلاف الحكم ـ جاء فيه حكاية التعارض وملاحظة طرق العلاج .
وبعد ثبوت الموضوع وكون الخبر واحداً شخصيّاً فلو كانت الزيادة الموجبة للاختلاف في الحكم في المتن ، لابدّ فيه من ملاحظة أضبطيّة راوي المزيد على راوي الخبر الخالي عن الزيادة إن كان الراوي متعدّداً ، وإن كان واحداً كما لو كان الإختلاف في النسخ فلابدّ من ملاحظة الأُصول والضوابط . ولا ريب أنّ أصالة عدم الزيادة في المزيد معارَض بأصالة عدم السقط في غير المزيد ، فتبقى أصالة عدم صدور الكلمة الزائدة عن المعصوم سليمةً عن المعارض . ۲
ولو كان الإختلاف والزيادة في السند فقط مع اتّحاد المتن فلم يدلّ دليل على كون الناقص مرسلاً ؛ لجواز رواية الشخص الواحد خبراً واحداً مرّة عن شخص بلا واسطة ومرّة معها ؛ لجواز سماعه الخبر الواحد عن شخص واحد بالطريقين فيرويه مرّة للراوي عنه كما سمعه أوّلاً ومرّة أُخرى كما سمعه ثانياً إلاّ أن يذبّ عن تكرّر السماع بأصالة العدم ؛ فتدبّر .
ومع الإغماض عن ذلك فنقول : إنّ السند على الطريقين إمّا صحيح وإمّا ضعيف وإمّا مختلف ، وعلى الأوّل والثاني يلغو البحث عن رجحان أحد السندين

1.الرواشح السماويّة : ۱۶۳ ، الراشحة السابعة و الثلاثون .

2.وصول الأخيار إلى أُصول الأخبار : ۱۱۱ .

  • نام منبع :
    الفوائد الرجاليّة
    المساعدون :
    رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1424ق / 1382ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 56641
الصفحه من 271
طباعه  ارسل الي