205
الفوائد الرجاليّة

يحتمل اللُقَى وعدمه مع عدم اللُقَى كما لو قال : «عن فلان» أو «قال فلان» فإنّ العبارتين وإن كانتا ظاهرتين في الإتّصال لكنّ التعبير بهما مع الإرسال أيضاً متداول ، وإذا ظهر بالتثبّت كونه غيرَ راوٍ عنه ، تبيّن الإرسال . وغير خفيّ أنّ ذلك ضرب من التدليس .
ومنها : المعلَّل ، ومعرفته من أجلّ علوم الحديث وأدقّها ، وهو ما فيه أسباب خفيّة غامضة قادحة فيه في نفس الأمر ، وظاهره السلامة منها بل الصحّة .
وإنّما يتمكّن أهل الخبرة من معرفة ذلك بخبره بطرق الحديث ومتونه ومراتب الرواية مع كونه ضابطاً ثاقباً .
ويستعان على إدراك تلك العلل بتفرّد الراوي بذلك الطريق ، أو المتنِ الذي يظهر عليه قرائن العلّة ، وبمخالفة غيره له في ذلك مع انضمام قرائنَ تُنبِّه العارفَ على تلك العلّة من إرسال في الموصول ، أو وقفٍ في المرفوع ، أو دخولِ حديث في حديث ، أو دخولِ وهم واهمٍ ، أو غير ذلك من الأسباب المعلّلة بحيث يغلب على ظنّه ذلك ولا يبلغ اليقين ، وإلاّ لحقه حكم ما تُيُقِّن به من إرسال أو غيره ، فيُحكم به ، أو يتردّد في ثبوت ذلك من دون ترجيح ، فيُتوقّف .
وقد أشرنا سابقاً إلى أنّ هذه عند الجمهور مانعة من صحّة الحديث على تقدير كون ظاهره الصحّةَ لو لاها .
وأمّا عند أصحابنا فذلك غير معتبر في مفهوم الصحّة ، بل اعتباره إنّما هو في قبول الحديث ، وأكثر ما يوجد فيه تلك العلّةُ هو كتاب التهذيب كما يظهر من التأمّل فيه ، مع إخبار أهل الخبرة به .
ومنها : المدلّس من الدَلَس بالتحريك ، وهو اختلاط الظلام ، سمّي بذلك لاشتراكهما في الخفاء ؛ فإنّه ما أُخفي عيبه إمّا في الإسناد بأن يروي عمّن لقيه أو عاصره ما لم يسمعه منه على وجه يوهم أنّه سمعه منه .


الفوائد الرجاليّة
204

وفي حصول العلم الوجداني بذلك تأمّل واضح ؛ لأنّ مستند العلم إن كان الإستقراءَ في مراسيله بحيث وجدوا المحذوف ثقةً فلو كان ذلك في الكلّ كان الكلّ مسنداً ، وإن كان في الأغلب ففي موضع الشكّ لا يفيد الاستقراء إلاّ الظنّ . ولعلّ حصول القطع من مثل هذا الإستقراء مجرّد فرض .
وإن كان حسنَ الظنّ بالمرسِل فمع عدم انحصاره فيمن ذكروه ، لا يفيد العلم .
وإن كان إخبارَه بعدم الإرسال إلاّ عن ثقة فمع عدم وجود ذلك الإخبار ، كان مرجعه إلى الشهادة بعدالة الراوي المجهول ، وفي اعتبارها كلام .
وظاهر كلام الأصحاب في مراسيل ابن أبي عمير هو الأوّل ، وقد عرفت أنّه لا يفيد العلم . وعلى مذاقنا لاغبار على العمل بمثل تلك المراسيل ؛ لحصول الوثوق بصدوره من المعصوم . وهذا أيضاً من الأمارات على أنّ مدار الأصحاب على ما اخترنا من المسلك ، لا ما يُتوهّم من ظاهر بعض كلماتهم .
وربما يقال بحجّيّة المراسيل مطلقاً ، ونقل ذلك القول من جماعة من الجمهور إذا كان المرسِل ثقةٍ .
وعن المحصول ۱ نقله من الأكثرين ، محتَجّين بأنّ الإخبار عن المعصوم لا يجوز إلاّ عند الظنّ بعدالة الواسطة ، وبأنّ علّة التثبّت هو الفسق ولم يعلم ، وضعف كلا الوجهين واضح .
وطريق ما يعلم به الإرسال في الحديث قد يكون جليّاً بالعلم بعدم التلاقي بين الراوي والمرويّ عنه ؛ لعدم إدراك العصر أو عدم الاجتماع مع عدم وجود الوجادة ولا الإجازة عند إدراك العصر ، ومن ثَمَّ احتيج إلى التأريخ ، وقد افتضح أقوامٌ ادّعوا الرواية عن شيوخ ظهر بالتأريخ كذب دعواهم .
وقد يكون خفيّاً كما لو عبّر الراوي في الرواية عن المرويّ عنه بصيغةٍ

1.لازال مخطوطاً .

  • نام منبع :
    الفوائد الرجاليّة
    المساعدون :
    رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1424ق / 1382ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 56653
الصفحه من 271
طباعه  ارسل الي