207
الفوائد الرجاليّة

وتوعير لطريق معرفة حاله .
ومنها : المضطرب ، وهو ما اختلف راويه ـ واحداً أو متعدّداً ـ فيه ، متناً أو إسناداً فيروي مرّة بوجه ، وأُخرى على وجه آخَرَ مخالفٍ له .
وإنّما يتحقّق الوصف بالاضطراب مع تساوي الروايتين المختلفتين في الصحّة وغيرها بحيث لم يترجّح إحداهما على الأُخرى ببعض المرجّحات . أمّا لو ترجّحت إحداهما على الأُخرى بوجهٍ من وجوه الترجيح ـ كأن يكون راويها أحفظَ أو أضبطَ أو أكثرَ صحبةً للمرويّ عنه ـ فالحكم للراجح ، ولا يتّصف بالاضطراب .
والإضطراب قد يقع في السند بأن يرويه الراوي مرّة عن أبيه ، عن جدّه ، وتارةً عن جدّه بلا واسطة ، وثالثةً عن ثالث غيرهما كما اتّفق ذلك في رواية أمر النبيّ بالخطّ للمصلّي سُتْرَةً حيث لا يجد العصا . ۱
وقد يقع في المتن كحديث اعتبار الدم عند اشتباهه بالقرحة فرواه في الكافي وفي كثير من نسخ التهذيب بخروجه من الجانب الأيمن ، فيكون حيضاً ، ۲
وفي بعض نسخ التهذيب بخروجه من الجانب الأيسر ، فيكون حيضاً ۳ ، ولذا اختلفت الفتوى حتّى من الفقيه الواحد . والإضطراب فيه من راوٍ واحد ؛ فإنّه مرفوع إلى أبانٍ في الجهتين . وتسمية صاحب البشرى مثل ذلك إمّا سهو أو اصطلاح خاصّ .
ومنها : المقلوب ، وهو ما ورد بطريق فيروى بغيره إمّا بمجموع الطريق أو ببعض رجاله بحيث يكون أجودَ ليُرغب فيه .
وربّما يتّفق ذلك سهواً كحديث يرويه محمّد بن أحمد بن عيسى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ومحمّد بن أحمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن

1.سنن أبي داود ۱ : ۱۸۳ ـ ۱۸۴ ؛ منتقى الجمان ۱ : ۹ .

2.الكافي ۳ : ۹۴ / ۳ .

3.تهذيب الأحكام ۱ : ۳۸۵ / ۸ .


الفوائد الرجاليّة
206

ومن حقّه بحيث يصير مدلِّساً لا كاذباً أن لا يقول : «حدّثنا» ولا «أخبرنا» وما أشبههما ؛ لأنّه كذب ، بل يقول : «قال فلان» أو «عن فلان» أو «حدّث» أو «أخبر فلان» فإنّ أمثال هذه العبارات وإن كانت أعمَّ من السماع بلا واسطة لكنّها موهمة له ، فيكون مدلِّساً لا كاذباً .
وربما لا يُسقط المدلِّس شيخَه ، ولا يوقع التدليسَ في ابتداء السند ، لكن من بعده رجلاً غير مقبول الرواية ليحسن الحديث بذلك .
وإمّا في الشيوخ كما لو روى حديثاً عن شيخ سمعه منه لكن لا يحبّ معرفة ذلك الشيخ لغرض ، فيسمّيه أو يكنّيه باسم أو كنية غير معروف بهما ، أو ينسبه إلى قبيلة أو بلد غير معروف بهما ، أو يصفه بما لا يُعرفُ به كي لا يُعرفَ .
والتدليس الأوّل مذموم جدّاً ؛ لما فيه من إيهام اتّصال السند مع كونه مقطوعاً ، بل عن بعضٍ أنّ التدليس أخ الكذب .
وفي جرح فاعله بذلك أقوال : ممّا ذكر ؛ ومن أنّ التدليس ليس كذباً بل تمويه فلا يضرّ بالوثاقة ، وعلى الأوّل يترك حديث المعروف بالتدليس ، وإن لم يعلم التدليس في ذلك الحديث ، وعلى الثاني يردّ ما فيه ذلك فقط ، ومن أنّ التدليس غير قادح في العدالة فإن صرَّح بالاّتصال كـ «حدّثنا» و«أخبرنا» قبل ، وإن أتى بالمحتمل ـ كما سبق ـ فهو في حكم المرسل ؛ لحصول الريبة في الإسناد ولعلّه الأجود .
ويعلم عدم اللقاء ، الموجبُ للتدليس بإخباره بنفسه بذلك ، وبجزم العالم المطّلع عليه . ولا يكفى في ذلك وقوع الزيادة في بعض الطرق ؛ لاحتمال أن يكون من المزيد .
والتدليس الثاني أخفُّ من الأوّل إن لم يوجب إيهامَ غير مقبول الرواية بمقبولها ؛ لأنّ ذلك الشيخ مع الإغراب به إن عُرف فيرتَّب عليه ما يلزم ، وإن لم يُعرف يصير الحديث مجهولَ السند فيردّ ، لكن فيه تضييع للمرويّ عنه

  • نام منبع :
    الفوائد الرجاليّة
    المساعدون :
    رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1424ق / 1382ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 56601
الصفحه من 271
طباعه  ارسل الي