213
الفوائد الرجاليّة

وفي صحيحة عبد اللّه بن سنان قال : قلت : لأبي عبد اللّه عليه السلام يجيئني القوم فيستمعون منّي حديثكم ، فأضجر ولا أقوى . قال : «فاقرأ عليهم من أوّله حديثاً ومن وسطه حديثاً ۱
ومن آخره حديثاً» ولعلّ في عدوله عليه السلامإلى قراءة هذه الأحاديث مع العجز دلالةً على أولويّته على قراءة الراوي ، وإلاّ لأمر بها ؛ فتدبّر .
فيقول الراوي حينئذٍ ـ في مقام روايته ذلك المسموع لغيره ـ : «سمعت فلانا» وهذه العبارة أعلى العبارات في تأديته المسموعَ ؛ لدلالته نصّاً على السماع الذي هو أعلى طرق التحمّل ، ثمّ بعدها أن يقول : «حدّثني» و«حدّثنا» ؛ لدلالتهما أيضاً على قراءة الشيخ عليه ، لكنّهما يحتملان الإجازة والكتابة ؛ لما عن بعضٍ مِن إجازة الإخبار بهذه العبارة فيهما .
وعن بعض المحدّثين أنّه كان يقول : «حدّثنا فلان» عند عدم استماعه واستماع أهل المدينة مريداً به ذلك التأويل .
وقيل : هما أعلى من الأُولى ؛ لأنّه ليس في «سمعت» دلالةٌ على أنّ الشيخ روى له الحديث وخاطبه به ، وفي «حدّثنا» و«أخبرنا» دلالة على المخاطبة .
وفيه : أنّ هذه وإن كانت مزيّةً إلاّ أنّ الخَطْب فيها أسهلُ من احتمال الإجازة والتدليس .
ثمّ بعدهما أن يقول : «أخبرنا» ؛ لظهور الإخبار في القول ، ولكن لمكان استعماله في الإجازة والمكاتبة كثيراً كان أدونَ .
ثمّ بعده «أنبأنا» و«نبّأنا» ؛ لغلبة هذه اللفظة في الإجازة .
وأمّا قول الراوي : «قال لنا» و«ذكر لنا» فهو من قبيل «حدّثنا» فيكون أعلى من «أنبأنا» ؛ فتدبّر .
لكنّه ينقص من «حدّثنا» ؛ لدلالته على كونه في مقام التحديث ، ودلالةُ قوله :

1.الكافي ۱ : ۵۲ / ۵ .


الفوائد الرجاليّة
212

ورواه مسلماً بالغاً قُبل ، كما اتّفق في جماعة من الصحابة خلا فاً لشذوذ في الأخير ، ولا عبرة به ، وكذا لا عبرة ۱ بتحديد السنّ ـ المسوِّغ للإسماع ـ بعشر سنين أو خمس أو أربع ؛ لاختلاف الناس في مراتب الفهم والتمييز ، فمن فهم الخطابَ وميّز ما يسمعه صحّ وإن كان دون خمس ، ومن لم يكن كذلك لم يصحّ وإن كان ابن خمسين .
وعن الفاضل تقيّ الدين الحسن بن داود أنّ صاحبه ورفيقه السيّدَ غياثَ الدين بن طاوس استقلّ بالكتابة واستغنى عن المعلّم وعمرُه أربع سنين . ۲ وقد حكي أمثال ذلك كثيراً .
وكذا لا يشترط في المرويّ عنه كونُه أكبرَ من الراوي نسباً ولا رتبة وقدراً وعلماً . وقد اتّفق ذلك كثيراً على ما حكى للصحابة فمَن دونهم .

الثاني : لتحمّل الحديث طرق سبعة :

أوّلها وأعلاها عند جمهور المحدّثين السماعُ من لفظ الشيخ سواء كان إملاء من حفظه أو كان تحديثَه من كتابه .
ووجه الأعلائيّة أنّ الشيخ أعرف بوجوه ضبط الحديث وتأديته ؛ ولأنّه خليفة رسول اللّه وسفيره إلى أُمّته والأخذ منه كالأخذ منه ؛ ولأنّ النبيّ صلى الله عليه و آله أخبر الناس أوّلاً وأسمعهم ما جاء به ، والتقرير على ما جرى بحضرته أولى ؛ ولأنّ السامع أربطُ وأوعى قلباً ، وشغل القلب وتوزُّع البال إلى القارئ أسرعُ .
وبعض هذه الوجوه استحسان ، والدليل هو الذي يفيد الأضبطيّة ، وهو الأوّل والأخير ، ومقتضاه كون السامع المخاطب أقوى من السامع غير المخاطب من حضّار مجلس السماع .

1.ليس «لا عبرة» في «ألف» .

2.رجال ابن داود : ۲۲۷ و۲۲۸ .

  • نام منبع :
    الفوائد الرجاليّة
    المساعدون :
    رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1424ق / 1382ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 56686
الصفحه من 271
طباعه  ارسل الي