215
الفوائد الرجاليّة

الطريقة أعلى ؛ لدلالتهما على الواقع صريحاً .
ثمّ بعدهما قوله : «حدّثنا» و«أخبرنا قراءةً عليه» .
وعن بعض المحدّثين كفايتهما مطلقين
وفي قولٍ ثالث تجويزُ إطلاق «أخبرنا» دون «حدّثنا» .
ومدرك الأوّل واضح ، والثاني أنّ إقراره به قائم مقام التحديث والإخبار ، ومن ثَمَّ جازا مقترنين بقيد «قراءة عليه» .
وضعف التعليل واضح ؛ لأنّ الجواز مع القرينة لا يعطي الجوازَ بدونها كما في سائر المَجازات . ووجه الثالث قوّة ظهور «حدّثنا» في النطق والمشافهة بخلاف «أخبرنا» ؛ فإنّه يُتجوّز به في غير النطق كثيراً .
وأوّل الوجوه أظهرها .
وفي قولٍ : لو قال الراوي للمرويّ عنه : «أخبرك فلان بكذا» وهو ساكت مُصْغٍ إليه فلم ينكر ذلك صحّ الإخبار والتحديث عنه ، وإن لم يتكلّم بما يقتضي الإقرار به ؛ لأنّ عدالته تمنع عن السكوت عن إنكار ما ينسب إليه من غير صحّة .
ومن البيّن أنّ السكوت مع عدم الصحّة أعمُّ من الإقرار ، ولا ينافي العدالة ، فيقول حينئذٍ عند الرواية : «قرئ عليه وهو يسمع» ولا يجوز أن يقول : «حدّثني» ؛ لأنّه كذب ، وما سمعه وحده أو مع الشكّ في سماع الغير يقول : «حدّثني» وما سمعه مع الغير يقول : «حدّثنا» ، ولو عكس الأمر فيهما لقصد التعظيم ودخوله في العموم جاز ؛ لصحّته لغةً وعرفاً إلاّ أنّ التأدية على ما هو المطابق للواقع من دون ملاحظة هذه الأشياء أولى .
ومنعوا في الكلمات الواقعة في المصنّفات بلفظ «أخبرنا» و«حدّثنا» من إبدال إحداهما بالآخَر ؛ لاحتمال أن يكون القائل لا يرى التسوية بينهما وكذا الناظر ، فيقع التدليس ولا تجوز الرواية مع كون السامع أو المستمع ممنوعاً من السماع بشواغلَ كالنسخ والتحديث وغيرهما ممّا يوجب عدم فهم المقرّر ، ووجهه واضح .


الفوائد الرجاليّة
214

«قال لنا» على ما سمع في المذاكرة في المجالس والمناظرة أشبهُ ؛ فتدبّر أيضاً .
وأدنى العبارات قوله : «قال فلان» من دون إضافةِ «لي» أو «لنا» ؛ لأنّه بحسب مفهوم اللفظ أعمُّ من السماع أو الوصول إليه ولو بوسائطَ ، وإن كان الظاهر من اللفظ التحمّلَ على نحو السماع كما في «حدّثنا» .
وثانيها : القراءة على الشيخ ، ويسمّى العَرْضَ ؛ لأنّ القارئ يعرضه على الشيخ ، سواء كانت القراءة من حفظ القارئ أو من كتاب ، وسواء قرأ ما يحفظه الشيخ أو كان الراوي يقرأ والأصل بيد الشيخ أو يد ثقةٍ غيرِه ، واحتمال سهو الثقة نادر ولا يقدح ، كما لا يقدح ذلك الإحتمال عند قراءة الشيخ . وهذه الطريقة صحيحة اتّفاقاً وإن خالف فيه بعضُ مَن لا يعتدّ به .
وإنّما الكلام في أنّ القراءة على الشيخ أقوى من السماع ، أو أدونُ منه ، أو مساوية له ؟ والأشهر الثاني . وعن علماء الحجاز والكوفة الأخيرُ ؛ لتحقّق القراءة على الحالتين مع سماع الآخر .
وعن ابن عبّاس أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله قال : «قراءتك على العالم وقراءة العالم عليك سواء » . ۱ وعن بعضٍ الأوّلُ ، ولم نجد له وجهاً .
والحقّ لعلّه الأوّل ۲ ؛ فإنّ المدار في قوّة الحديث على الأعلميّة والأحفظيّة والأضبطيّة ، وممّا نجده في الخارج زيادة الملاحظة عند القراءة من الملاحظة والإلتفات عند السماع ، ولمّا كان المناط على زيادة التفات الشيخ كان قراءة الشيخ أعلى . والرواية المذكورة محمولة على مساواتها في الجملة .
والعبارة عن هذه الطريقة أن يقول الراوي عند الرواية : «قرأت على فلان» أو «قرءتم عليه وأنا أسمع وأقرّ الشيخ به» بمعنى عدم الاكتفاء بالقراءة عليه وعدم إنكاره ولا بإشارته بل تلفّظ بما يقتضي الإقرار بكونه مرويَّهُ . وهذان في هذه

1.الرعاية في علم الدراية : ۲۴۰ .

2.أي أنّ القراءة على الشيخ أقوى من السماع .

  • نام منبع :
    الفوائد الرجاليّة
    المساعدون :
    رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1424ق / 1382ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 56612
الصفحه من 271
طباعه  ارسل الي