225
الفوائد الرجاليّة

[ كيفيّة نقل الحديث ]

وأمّا كيفيّة رواية الحديث فقد أشرنا إليها في طرق التحمّل . ۱ ولكنّهم اختلفوا فيما به يجوز رواية الحديث : فعن مالك وأبي حنيفه وبعض الشافعيّه أنّه لا حجّيّة إلاّ فيما رواه الراوي من حفظه وتذكّره . ومنهم من أجاز الإعتماد على الكتاب بشرط بقائه على يده ، فلو أخرجه عنها ولو بإعارته لثقة ، لم تجز الرواية منه لغيبته عنه المجوّزةِ للتغيير .
والحقّ جواز الرواية من حفظه ومن الكتاب إن خرج من يده مع أمن التغيير ؛ فإنّ الإعتماد في الرواية على الظنّ الغالب الموجب للاطمئنان الحاصل بكلا الأمرين . ۲
ومَن لا يعلم مقاصد الألفاظ وما يختلّ به معانيها ومقادير التفاوت بينها لم يجز له رواية الحديث بالمعنى بغير خلاف ، بل يقتصر على رواية ما سمعه باللفظ الذي سمعه ، وإن كان عالماً بذلك ، جاز على الأصحّ كما يشهد به أحوال الصحابة والسلف وكثيراً مّا كانوا ينقلون معنى واحدا بألفاظ مختلفة ، والأخبارُ ورد في ذلك .
منها : صحيحة محمّد بن مسلم ، قال : قلت لأبي عبد اللّه : أسمع الحديث منك فأزيد وأنقص ؟ قال : «إن كنت تريد معانيَه فلا بأس » ۳ مضافاً إلى أنّ التعبير للعجمي بلسان العجم جائز اتّفاقاً فبالعربيّة أولى فتدبّر . ۴
وقيل : إنّما تجوز الرواية بالمعنى في غير الحديث النبويّ ؛ لأنّه أفصحُ مَن

1.مرّ في ص ۲۱۲ ـ ۲۲۴ .

2.الرعاية في علم الدراية : ۳۰۴ ـ ۳۰۵ .

3.الكافي ۱ : ۵۱ / ۲ .

4.لأنّ التعبير بالعجمي له للاضطرار فالاحتياج إلى تفهيمه لا يكون موجباً لجوازها بالعربيّة فكيف يكون أولى ؟ ! «منه» .


الفوائد الرجاليّة
224

قديماً وحديثاً .
وإن لم يتحقّق الواجد الخطّ قال : «بلغني عن فلان» أو «وجدت في كتابٍ أخبرني فلان أنّه بخطّ فلان» إن كان أخبره به أحد ، وإذا نقل من نسخة موثوق بها في الصحّة قال في نقله من تلك النسخة : «قال فلان» ، وإلاّ يثق بها قال : «بلغني عن فلان أنّه قال كذا» . والصواب في أمثال ذلك الإحترازُ عن إطلاق اللفظ الجازم في ذلك إلاّ أن يكون الناقل ممّن يعرف صحّة العبارة وسقمها بملاحظة سَوْق العبارة وصدرها وذيلها ، فبعد الوثوق بصحّة العبارة لعلّه لا إشكال في إطلاق اللفظ الجازم فيقول : «قال فلان» .

[ حكم الرواية بالوجادة ]

وفي جواز العمل بالوجادة الموثوق بها قولان للمحدّثين والأُصوليّين : فعن الشافعي : الجواز ، واستدلّ له بأنّه لو توقّف العمل على الرواية لا نسدّ باب العمل بالمنقول ؛ لتعذرّ شرط الرواية فيها . ۱
ولنعم ما قاله صاحب المعالم من أنّ أثر الإجازة بالنسبة إلى العمل إنّما يظهر حيث لا يكون متعلّقها معلوماً بالتواتر ونحوه . ۲ انتهى .
فبعد ثبوت كون الكافي مثلاً من مؤلّفات ثقة الإسلام فأيّ شيء يحصل بالإجازة حتّى يصحّح العمل بأخبارها ، وينتفي عند انتفائها ؟
وحجّة المانع أنّه ممّا لم يحدّث به لفظاً ولا معنى ، فيخرج عن الرواية .
وأقول : مقتضى ذلك أن لا يعمل بالقرآن ؛ لأنّ ما نجده في يومنا ليس إلاّ الخطوط والنقوش ، والإجازةُ من اللّه تعالى أو النبيّ صلى الله عليه و آله أو الأئمّة منتفية ، فينتفي كونه قولَ اللّه تعالى لفظاً أو معنى ؛ فتدبّر .

1.تدريب الراوي : ۱۴۹ ـ ۱۵۰ .

2.معالم الدين وملاذ المجتهدين : ۲۱۲ .

  • نام منبع :
    الفوائد الرجاليّة
    المساعدون :
    رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1424ق / 1382ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 56692
الصفحه من 271
طباعه  ارسل الي