37
الفوائد الرجاليّة

فخرج بالتعريف ما عدا المعرّف حتّى علم الدراية الذي هو أشدّ لصوقاً بذلك العلم من غيره ؛ فإنّه العلم الباحث عن سند الحديث ومتنه وكيفيّة تحمّله وآداب نقله ، وذلك لأنّ قولنا في هذا التعريف : «عن سند الحديث» وإن كان يوهم اندراج علمنا في علم الدراية لكنّ الفرق بينهما واضح ؛ فإنّ في قولنا : «هذا الحديث ممّا سلسلة سنده ثقات ، وكلّ ما كان كذلك فهو صحيح» مثلاً ، يعرف صغراه بعلمنا وكبراه بعلم الدراية ، فهما مشترِكان في البحث عن السند ومفترِقان من حيث كون البحث في كلٍّ منهما من جهةٍ تخالف الآخر .
وربما يعرّف ب «علمٍ يعرف به أحوال الخبر الواحد صحّةً وضعفاً وما في حكمهما بمعرفه سنده وسلسلة رواته ذاتاً ووصفاً ، مدحاً وقدحاً وما في معناهما.» ۱
وأنت خبير بأنّ المرتبط بالمقام هو الجزء الأخير منه ، فلا حاجة إلى زيادة الجزء الأوّل حتّى يندرج في التعريف علم الدراية فتقعَ الحاجة إلى إخراجه بالجزء الأخير ، مضافاً إلى التأمّل في كونه مخرجاً ؛ فإنّ هذين العلمين متعانقان ، فمن يحتاج إلى معرفة كون الخبر صحيحاً بعلم الدراية والحكمِ عليه بالصحّة يحتاج إلى إثبات الصغرى حتّى يرتّب عليها الكبرى ، فيصدقَ عليه بعد ذلك أنّه عارف بصحّة الخبر بسبب معرفة السند .
فتطبيق هذا التعريف على علم الدراية أظهرُ من تطبيقه على علم الرجال ؛ فتدبّر .
ثمّ إنّ الخبرَ في مصطلح أصحابنا عبارة عمّا انتهى إلى المعصوم كما صرّح به القوم ، والواحدَ في مقابل المتواتر .
فيرد أمران :
الأوّل : أنّ المعلوم بهذا العلم رجال السند ، سواء انتهى إلى المعصوم

1.لبّ اللباب (ميراث حديث شيعه) ۲ : ۲۶۳ .


الفوائد الرجاليّة
36

والمراد بمعرفة الذات ما يحصل بتمييز المشتركات ، وبالمدح ما يشمل أقسامه المتعلّق بعضها بالجنان وبعضها بالجوارح ، سواء بلغ إلى حدّ التوثيق المصطلح أم لا . وكذا الكلام في القدح ، وبما في حكم المدح ما كان تعلّقه أوّلاً وبالذات بالخبر ، وثانياً وبالعرض بالمخبر ، كما في قولهم : «أجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عنه» في حقّ جملة من الرجال ونحوه ، وبما في حكم القدح ما كان مثل ذلك وكونه مهملاً أو مجهولاً ـ بناءً على تضعيف رواية مجهول الحال ـ ؛ فإنّ عدم ذكر الاسم أو الوصف أيضاً ممّا يتّصف الراوي به ، وكونَه ممّن اختلف في مدحه وقدحه اختلافاً موجباً للتوقّف بناءً على ذلك المذهب .
بقي الكلام في الإرسال الخفي الذي لا يعرف إلاّ بهذا العلم كما إذا كان ترك الواسطة معلوماً منه بملاحظة تأريخ الراوي والمرويّ عنه ؛ فإنّ ظاهر التعريف لا يشمله إلاّ أن يُعدّ أيضاً من الأوصاف ؛ فإنّ كون الراوي ممّن لم يلاق المرويّ عنه من أوصافه ، ويُعرف بملاحظه ذلك الوصف تركُ الواسطة ، فيتّصف الواسطة بكونه متروك الاسم في السند .
ومعرفة كونه في حكم المدح أو القدح تعرف أيضاً بهذا العلم ، بناءً على حجّيّة مراسيل من لا يرسل إلاّ عن ثقة وعدم حجّيّة غيرها من المراسيل وكذا لو ضعّفنا كلّ المراسيل ؛ فإنّ ذلك الوصف حينئذٍ في حكم القدح ؛ فتدبّر .
فظهر بما ذكر أنّ كلمة «أو» في قولنا : «ذاتاً أو وصفاً» لمنع الخلوّ ، فقد يعرف الذات لا الوصف ، وقد ينعكس الأمر ، وقد يعرف الأمران .
ثمّ لا يخفى أنّ المراد بالمدح والقدح ما يرتبط بجهة الرواية لا مطلقُهما حتّى يشمل كونه كثير الأكل والنوم أو قليلهما ـ مثلاً ـ من الأوصاف غير المرتبطة بتلك الجهه المعدودة عرفاً من أحدهما،والشاهد عليه سوق التعريف ، فلا نقض عليه بذلك.

  • نام منبع :
    الفوائد الرجاليّة
    المساعدون :
    رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1424ق / 1382ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 56851
الصفحه من 271
طباعه  ارسل الي