43
الفوائد الرجاليّة

وما يقال ـ من أنّ الجزئيّات ليست بكاسبة ولا مكتسبة ـ فإنّما هو في مقام آخر فقد يكون كليّاً وقد يكون جزئيّاً كما إذا وقع جزئيُّ موضوعِ العلم موضوعاً لمسائله كما في الكواكب السيّارة في علم الهيئة .
وقد يقال : إنّ التعرّض للكلّي في كثير من العلوم إنّما هو لعدم حصر الجزئيّات التي هي المقصودة بالذات ، فلذلك جعلوا الكلّيّ فيها عنواناً جامعاً لشتات الجزئيّات ، بخلافه في المقام ؛ فإنّ الجزئيّات فيه محصورة .
ولا بأس به في مقام دفع الشبهة لو كانت .

[ الحاجة إلى علم الرجال ]

وأمّا وجه الحاجة إلى ذلك العلم ، فربما يتوهّم أنّه من مسائل علم الأُصول بملاحظة تعرّض جملة من المتأخّرين له في الكتب الأُصوليّة في مقام ذكر شرائط الإجتهاد .
وليس كما تُوهّم ؛ لأنّ تعريف علم الأُصول وموضوعَه أمران معلومان كالنار على عَلَم ، ولا يشتبه على أحدٍ أنّ مباحث الإجتهاد والتقليد ليست بداخلة فيهما ، ولذا عدّها جملة من المباحث الكلاميّة ، وربما يعدّ من المسائل المشتبهة وإن كان العدّان ممّا لا وجه لهما ؛ لوضوح خروجها من العلمين ومن الفقه .
وقد أشرنا إلى المعيار في كون المسألة من أيّ علم من العلوم الثلاثة في ما مزّجته بنتائج الأُستاذ . ۱
ومجرّد الذكر في طيّ مسائل الأُصول ممّا لا يوجب الدخول فيه ؛ فإنّا كثيراً مّا

1.أي نتائج الأفكار في أُصول الفقه الذي ألّفه السيّد إبراهيم بن محمّد باقر الموسوي القزويني الحائري (۱۲۱۴ ـ ۱۲۶۳ ه ) وهو ملخّص من كتابه المشهور بضوابط الأُصول ، وقد شرحه عدّة من تلاميذه ، منهم : الشيخ مهديّ الكجوري الشيرازي وهو في مجلّدين بخطّ الشارح ، رآه الشيخ آقا بزرگ الطهراني عند أبي المجد الآقا رضا ابن شيخ محمّد حسين الإصفهاني أوانَ مجاورته للنجف الأشرف . الذريعة ۱۴ : ۹۹ / ۱۸۹۶ .


الفوائد الرجاليّة
42

خارج أعمَّ كما في الفقه ؛ فإنّ موضوعه الأفعال والأعيان ، وعروض العوارض ـ التي هي مسائله من الأحكام الوضعيّة والتكليفيّة ـ إنّما هو بتوسّط جعل الشارع وتشريعه الذي هو المباين الأعمّ من خصوص أفراد الموضوع .
وبعد ما أحطت خُبْراً بما قرّرنا إجمالاً ، عرفت ضعف دخل هذا القائل وجوابه ، وضعفَ ما في جملة من كتب المنطق من بيان المعيار في ذلك ؛ فإنّ ذلك ليس أمراً تعبّديا ورد به آية أو رواية يجب العمل بها تعبّداً ، بل إنّما ذلك أمر اجتهادي يعرف من التتبّع في مشي المؤلّفين وطريقة سلوكهم في تصانيفهم ولا يلزم كفر ، ولا إنكارُ ضروريٍّ ، ولا مخالفةُ عقل قطعي أو ظنّيّ من مخالفة مَن ذكر ذلك المعيار ، والخطأُ في أمثال ذلك ليس بعزيز .
فنقول : إنّ الراوي ـ الذي هو موضوع ذلك العلم ـ يتّصف بنفسه من دون واسطة في العروض بالصدق والكذب ، والعدالة والفسق ، ونحوهما وإن كان المقتضى لذلك ترجيحَ مقتضى القوّة العاقلة على مقتضى القوّة الشهويّة والغضبيّة باختياره أو بالعكس ، والأشخاصُ الخاصّة من جزئيّات ذلك الموضوع ، فيتّصف بعضهم ببعض تلك الأوصاف والبعض الآخر بالبعض الآخر ، كما في جزئيّات موضوع الفقه والنحو والمنطق .
والعجب من ذلك القائل ؛ حيث يذعن بذلك في المقام مع ما قال سابقاً من أنّ عروض تلك الأوصاف إنّما هو لأمر يساوي الموضوع ؛ لوضوح التنافي بين المقالتين كما لا يخفى ؛ فإنّ مقتضى الثاني اتّصاف كلّ واحد من الرواة بجميع هذه الأوصاف ؛ لاشتراك الكلّ في ذلك الأمر المساوي . ومقتضى الأوّل اختصاص بعض ببعض .
وكيف كان ، لا يقدح فيما نحن بصدد بيانه كونُ المبحوث عنه في علم الرجال خصوصَ الجزئيّات ؛ لأنّه لم يقم برهان على لا بدّيّة كون المبحوث عن حاله كلّيّاً .

  • نام منبع :
    الفوائد الرجاليّة
    المساعدون :
    رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1424ق / 1382ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 56677
الصفحه من 271
طباعه  ارسل الي