45
الفوائد الرجاليّة

يحكمون على شخص بحكم لمدخليّة بعض الخصوصيّات الموجودة فيه كما يظهر من رواية الصدوق عن خالد في رجل محرم أتى أهله وعليه طواف النساء . ۱
ومنه يظهر وجه عدم قدح مخالفة الإجماع والكتاب أيضاً في حصول الظنّ بالصحّة .
وأمّا عدم عمل الراوي أو غيره من المشايخ ، فيمكن أن يكون من جهة ظنّ عدم الدلالة أو العثور على معارض راجح في نظره أو مثل ذلك .
نعم ، لو كان القدماء منّا كالموجودين قبل زمان المحمّدين بل في زمانهم أيضاً ربما يحتاجون إلى معرفة حال الرواة ؛ لأنّه في تلك الأزمنة لم تكن الأحاديث منحصرةً في المدوّنة ، وما كانت منها مدوّنةً لم يكن الجميع منتقداً منسوباً إلى الثقات المتورّعين ، بل كان الناس كثيراً مّا يحتاجون إلى ملاحظة حال الرواة لتحصيل القرينة أو ردّ ما لا قرينة له .
والحاصل : أنّ مقصودهم كان تحصيلَ القرينة والظنَّ بصدق الخبر ، وكان ملاحظة حال الراوى أيضاً أحدَ طرق الظنّ ، ثمّ لحق بهم قوم من العلماء وتكلّموا في شرائط العمل بالحديث من حيث هو حديث من غير تخصيص بحديث بل أرادوا بيان موجبات الظنّ فقالوا : إنّ من شرطه ملاحظةَ حال الراوي ، ولم يقصدوا أنّ ذلك لازم مطلقاً حتّى في خبر يظنّ صدقه من قرينة أُخرى . ۲ انتهى ملخّصاً .
ولكنّك خبير بأنّ نفس حصول الظنّ ممّا ليس بالاختيار ، بل يدور مدار أسبابه باختلاف حال المتأمّلين والناظرين . فربما يوجب سببٌ حصولَ الظنّ لشخص ولا يوجبه لشخصٍ آخَرَ .
سلّمنا ذلك في الخبر الموجود في كلّ الكتب الأربعة ، لكنّ الكثير ممّا روي

1.الفقيه ۲ : ۳۶۳ / ۲۷۱۶ .

2.مناهج الأحكام والأُصول : ۲۷۳ .


الفوائد الرجاليّة
44

نراهم يتعرّضون لجملة من المباحث في غير علمها بمجرّد المناسبة ولو في الجملة . وبعد خروج نفس الإجتهاد وكونِ ذكره تطفّلاً فما ظنّك بشرائطه؟!
فنقول : على البناء في حجّيّة الأخبار ـ على وجه منَّ اللّه تعالى به عليّ بعد التأمّل في طريقة القدماء والسيرة المستمرّة بين المسلمين في رجوع المستفتي إلى المفتي من كون الحجّة بعد القطع منحصرةً في الأخبار المأثورة عن سادات الدين على وجه يحصل القطع بالصدور أو الظنّ به ـ فوجه الحاجة ظاهر ؛ لكون معرفة الرجال من إحدى طرق الظنّ بذلك ، كما أنّ من طرقه وجودَ الرواية في الكتب الأربعة لمشايخنا الثلاثة ـ شكر اللّه سعيهم ـ أو في الكافي والفقيه ، أو في واحد منهما ؛ لما تحقّق من كونهما أضبطَ من كتابي الشيخِ .
وربما يقال : إنّ الظنّ بالصدق ، الحاصل من وجود الرواية في الكتب المعتبرة ـ التي أتعب مصنِّفوها بالَهم في نقدها وانتخابها وغير ذلك من الأمارات التي أوجبت دعوى الأخباريّين كونَها مقطوعةَ الصدور ـ ليس بأدون من ظنّ يحصل من تعديل أرباب الرجال وتوثيقهم ، بل ذلك ممّا يقرّب الظنَّ إلى القطع ، فمع وجود ذلك لا حاجة إلى علم الرجال .
ولا يتوهّم عدم حصول الظنّ بصحّة روايات كتب المشايخ ؛ لما فيها من تعارض بعضها مع بعض ، وممّا لم يعمل المؤلّف ، به أو كان مخالفاً للإجماع أو الكتاب ، ولذا ترى بعض المشايخ لم يعمل بما في كتاب بعضٍ آخَرَ ؛ لأنّ صحّة الأحاديث لاتنافي شيئاً ممّا ذكر ؛ لأنّ المراد بكونها صحيحةً كونُها مقطوعةَ الصدور ومظنونةً .
ولا تَنافي بين صدور خبر وصدور ما يعارضه في نظرنا ؛ لأنّ دواعي الإختلاف كانت كثيرة ؛ فإنّ الأئمّة كانوا كثيراً مّا يتّقون على أنفسهم الزكيّة وعلى أصحابهم في بيان الأحكام .
وأيضاً لكثير من الأحاديث معانٍ وتأويلاتٌ لا تصل إليها عقولنا ، وأيضاً ربما

  • نام منبع :
    الفوائد الرجاليّة
    المساعدون :
    رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1424ق / 1382ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 56880
الصفحه من 271
طباعه  ارسل الي