47
الفوائد الرجاليّة

أعدلهما عندك» . ۱
وفي رواية عمر بن حنظلة عن الصادق عليه السلام أنّه قال : «الحكم ما حكم به أعدلهما وأفقهما وأصدقهما في الحديث وأورعهما ولا يلتفت إلى ما حكم به الآخر» . ۲
والعنوان فيها وإن كان «الحُكم» ، لكن يمكن استفادة اعتبار تلك الأوصاف في الراوي عند التعارض منها ، إمّا من سَوْق الكلام حيث اعتبر في ترجيح الحُكم الأصدقيّةَ في الحديث ، وإمّا باعتبار أنّ المراد من القاضي والحُكم ليس معناهما المصطلح ؛ فتدبّر .
بل يظهر من قول ابن حنظلة في ذيل هذا الحديث : الخبران عنكم مشهوران رواهما الثقات عنكم ، وقولِ حسن بن جهم للرضا عليه السلام : يجيئنا رجلان وكلاهما ثقة بحديثين مختلفين ۳ ونحوِهما ، أنّ ترجيح أحد المتعارضين بوثاقة راويه كان مسلّماً عندهم وممّا نصّ به المعصوم عليه السلام . ولا ينبغي الريب في أنّ معرفة هذا الوجه من المرجّح لا تحصل إلاّ بعلم الرجال .
مضافاً إلى أنّ بناء جلّ المحدّثين على ذكر سلسلة السند إمّا في نفس الكتاب أو في المشيخة ، والظاهر من هذا الذكر أن يرجِّح الواردُ على تلك الأخبار صحيحَها من سقيمها بملاحظة السند .
وكون ذلك من باب إرادة اتّصال السند بالمعصوم تيمّناً أو من باب دفع تعيير العامّة على الخاصّة بأنّه لا راوي لكم ، مستبعد جدّاً . سلّمنا ظهور الثاني من الشيخ لكن ما تقول فيمن تقدّم ولاسيّما الكافي ؟
والحاصل : أنّ الحاجة إلى ذلك العلم على هذا المسلك ـ الذي وجدناه

1.مستدرك الوسائل ۱۷ : ۳۰۳ أبواب صفات القاضي ، ب۹ ، ح۲ ، عن عوالى اللآلئ .

2.الكافي ۱ : ۶۷ / ۱۰ ؛ الفقيه ۳ : ۸ / ۳۲۳۳ ؛ تهذيب الأحكام ۶ : ۳۰۲ / ۵۲ .

3.نفس المصادر السابقة .


الفوائد الرجاليّة
46

في التهذيب ليس موجوداً في الكتب الثلاثة الأُخر ، وربما يوجد في الكتب الإستدلاليّة من الفقه أخبار ليست موجودة في واحد منها ، فمن أين ترتفع الحاجة إلى علم الرجال بالنسبة إلينا كلّيّةً ؟ !
والمصدِّق لما ادّعينا صَرْفُ جلّ من العلماء هممهم في ذلك العلم وفي التصنيف فيه من مثل الكشّي والنجاشي والشيخ إلى زمان المتأخّرين . ولو كان مجرّد وجود الرواية في واحد من تلك الكتب موجباً للظنّ بالصدق ، لما ضيّعوا عمرهم في زمان طويل في ذلك واشتغلوا بما فيه فائدة ؛ فإنّهم عقلاءُ أتقياءُ أساطين الدين ، بل الظاهر أنَّهم ألّفوا كتبهم لانتفاع من سيأتي من بعدهم .
ومع الإغماض عن ذلك كلّه ربما يتعارض كلام شيخ واحد في تصحيح خبر وتضعيفه في الكتابين أو في المقامين ، وربما يتعارض كلام اثنين من المشايخ في ذلك ، فلابدّ من الإجتهاد في صحّة واحد من المتعارضين .
مضافاً إلى أنّ المعتبر من الظنّ بالصدق هو الظنّ المستقرّ بعد الإجتهاد لا مطلق الظنّ البدوي ، وكثيراً مّا لا يحصل الإستقرار إلاّ بعد الفحص عن أسباب الصدق والكذب ، وجلّها ممّا يتحصّل بذلك العلم ، مع أنّ الأخبار المُودَعة في الكتب الأربعة قلّما يتّفق خلوّها عن المعارض ، فعلى فرض تسليم حصول الظنّ المستقرّ من الخالي عنه بمجرّد وجوده فيها أو في بعضها فما الحيلة في غالب الأخبار ؟ والبناء على التخيير . مع عدم العلم بعدم المرجّح ـ ممّا ينفيه العقل والشرع .
أمّا الأوّل ، فواضح .
وأمّا الثاني ، فلما دلّ عليه جملة من الأخبار العلاجيّة من أنّ التخيير إنّما هو بعد رفع اليد عن الوجوه المرجّحة ومنها الأعدليّة ، كما نصّ به الباقر عليه السلامفي رواية زرارة ؛ حيث قال : قلت : إنّهما مشهوران عنكم . فقال : «خذ بما يقول

  • نام منبع :
    الفوائد الرجاليّة
    المساعدون :
    رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1424ق / 1382ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 56859
الصفحه من 271
طباعه  ارسل الي