49
الفوائد الرجاليّة

وأمّا نفس ذلك المسلك ، فقد دلّ العقل والشرع والإعتبار على بطلانه ، ولا سيّما بعد ملاحظة الأخبار الدالّة على كثرة القالة والكذّابة على الأئمّة .
ولاريب أنّه لا اختصاص في ذلك لخصوص أخبار أُصول العقائد ـ كما توهّم ـ بل يجري في الأُصول بالنسبة إلى من يرى الغلوّ وبالنسبة إلى من يرى إظهار الشنائع على الأئمّة لإعراض الناس عنهم ، وفي الفروع أيضاً نظراً إلى إبداء التناقض والتعارض ومخالفة الكتاب والسنّة والإجماع لكي يوجب حطّهم عن نظر العوامّ أو يوجب ترويج الشريعة التي كان مبدعها الشيطان وسوّل للمفتري نفسه الشقيّة وأمثال ذلك .
وأمّا على مسلك من يرى قطعيّة صدور الأخبار المودعة في الكتب الأربعة ونحوها من الكتب المعتبرة كمدينة العلم ۱ والخصال والأمالي وعيون الأخبار كما عن

1.للشيخ الصدوق أبي جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن موسى بن بابويه القمّيّ (م۳۸۱ ه ) قال المحقّق الطهراني : وهو خامس الأُصول الأربعة القديمة للشيعة الامامية الاثنى عشريّة ، قال الشيخ حسين بن عبد الصمد الحارثي في درايته وأُصولها الخمسة : الكافي ومدينة العلم وكتاب من لا يحضره الفقيه والتهذيب والاستبصار ، بل هو أكبر من كتاب من لا يحضره الفقيه كما صرّح به شيخ الطائفة في الفهرست والشيخ منتجب الدين أيضاً في فهرسه وقال ابن شهر آشوب في معالم العلماء : إنّ مدينة العلم عشرة أجزاء ومن لا يحضر أربعة أجزاء ؛ فالأسف على ضياع هذه النعمة العظمى من بين أظهرنا وأيدينا من لدن عصر والد الشيخ البهائي الذي مرّت عبارته الظاهرة في وجوده عنده أو في زمانه وفقده إلى يومنا هذا ، حتّى أن العلاّمة المجلسي صرف أموالاً جزيلة في طلبه وما ظفر به . وكذا من المتأخّرين عنه ، منهم المسمّى باسمه حجّة الإسلام الشفتي السيّد محمّد باقر الجيلاني الإصفهاني ، بذل كثيراً من الأموال ولم يغز بلقائه . نعم ، ينقل عنه السيّد عليّ بن طاووس في فلاح السائل وغيره من كتبه وفي إجازته المدرجة في آخر مجلّدات البحار ، وينقل عنه الشيخ جمال الدين يوسف بن حاتم الفقيه الشامي ـ تلميذ المحقق الحلي وابن طاووس وغيرهما ـ في كتابه الدرّ النظيم في مناقب الأئمة . بالجملة ، ليس لنا معرفة بوجود هذه الدرّة النفيسة في هذه الأواخر إلاّ ما وجدناه بخطّ السيّد شبّر الحويزي وإمضائه وهو ما حكاه السيّد الثقة الأمين السيّد معين الدين السقاقلي حيدرآبادي من أنّه توجد نسخة مدينة العلم للصدوق عنده واستنسخ عنه نسختين أُخريين . وذكر السقاقلي أنّه ليس مرتّباً على الأبواب بل هو نظير روضة الكافي . الذريعة ۲۰ : ۲۰۱ و۲۰۲ بتلخيص .


الفوائد الرجاليّة
48

مسلكَ قدماء الأصحاب وساعد عليه الدليل والإعتبار واخترناه ـ ممّا لا ينبغي التأمّل فيه على وجه الموجبة الجزئيّة .
ولا يضرّ في مسلكنا العموماتُ الناهية عن العمل بالظنّ ومنطوقُ قوله تعالى : « إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَأٍ »۱ فإنّ العامّ يخصَّص ، والمطلقَ يقيّد بما تحقّق من قيام الإجماع من أصحاب الأئمّة وقدماء الأصحاب والسيرة المستمرّة وبناء العرف في الموالي والعبيد على الإعتماد على ما حصل لهم الوثوق بأنّه قولُ مَن يجب إطاعته واتّباعه .
وكذا لاريب في الحاجة إلى ذلك العلم على مسلك من يعتمد في حجّيّة الأخبار على مفهوم آية النبأ كما في جملة من الأصحاب .
وكذا على المسلك الجديد بين الخاصّة من حجّيّة مطلق الظنّ في الأحكام الفرعيّة ؛ فإنّ غالب الأحكام ممّا يستفاد من الأخبار ، والحكم المستفاد من الشهرة فقط والاستقراءِ في غاية الندرة .
ولا ريب في أنّ لمعرفة عدالة الراوي وعدمِها مدخليّةً تامّة في تحصيل الظنّ بالحكم الواقعي وعدمه . وما سبق من الإعتراض والجواب جاريان على هذا المسلك .
وأمّا على مسلك من يعمل بالخبر المنسوب إلى المعصوم عليه السلام ولو لم يفد الظنّ بالحكم ولم يحصل الظنّ بالصدق ـ كما هو المنسوب إلى الحشويّة ۲ ـ فلا ريب أنّ في الأخبار المنسوبة لزومَ الرجوع إلى رواية الأعدل ، فلابدّ له من التعبّد بذلك أيضاً ، فيتمّ المطلوب .

1.الحجرات (۴۹) : ۶ .

2.الحَشْويَّة طائفة يحشون الأحاديث التي لا أصل لها في الأحاديث المرويّة عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم أي يدخلونها فيها وليست منها وجميع الحشويّة يقولون بالجبر والتشبيه . (الحور المعين : ۲۰۴) . وهم الذين تعلّقوا بالأخبار والظواهر من غير المتميّزين صحيحَها وسقيمها وقد نسب هذه النسبة إلى طوائفَ من أهل السنّة والشيعة بهذه المناسبة .

  • نام منبع :
    الفوائد الرجاليّة
    المساعدون :
    رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1424ق / 1382ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 56837
الصفحه من 271
طباعه  ارسل الي