51
الفوائد الرجاليّة

فمنها : ما شيّد أركانه في المقدّمة الثانية من مقدّمات الحدائق بعد أن ذكر أنّ الأصل في تنويع الأخبار إلى الأربعة المعروفة هو العلاّمة أو شيخه جمال الدين [ابن ]طاووس ـ كما صرّح به جملة من أصحابنا المتأخّرين ـ ونَقل عن مشرق الشمسين والمنتقى أنّ السبب الداعي إلى ذلك أنّه لمّا طالت المدّة بينهم وبين الصدر الأوّل وخفيت عليهم القرائن الموجبة لصحّة الأخبار عند المتقدّمين ، التجأوا إلى العمل بالظنّ بعد فقد العلم ؛ لكونه أقربَ المجازات إلى الحقيقة عند تعذّرها قائلاً :
إنّ لنا على بطلان هذا الإصطلاح وصحّة أخبارنا وجوها :
الأوّل : أنّ منشأ الإختلاف في الأخبار إنّما هو التقيّة لا دسّ الأخبار المكذوبة حتّى يحتاج إلى هذا الإصطلاح . واستدلّ عليه بالأخبار الحاكمة على أنّا أوقعنا الخلاف ؛ لأنّه أبقى لنا ولكم ، سلّمنا لكنّه لا ضرورة تلجئ إلى اصطلاحهم ؛ لأنّهم عليهم السلامأمرونا بعرض ما شكّ فيه من الأخبار على الكتاب والسنّه ، فالواجب في تميّز الخبر الصادق والكاذب مراعاة ذلك واتّباعُ الأئمّة أولى من اتّباعهم . ۱
وفيه : أنّ مقتضى تلك الأخبار أنّ التقيّة منشأ الإختلاف ، لا انحصارُه فيها وقد ارتكز في الأذهان ـ حتّى عرفه العوامّ والصبيان ـ أنّ إثبات شيء لا يقتضي نفي ما عداه ، فكما أنّ ذلك سبب الإختلاف فكذلك الدسّ ، ولا سيّما بعد ملاحظة ما روي عن الصادق عليه السلام من «أنّ لكلّ رجلٍ منّا رجلاً يكذب عليه» ۲ ، ومثله عن النبيّ صلى الله عليه و آله ، ۳ وما روي عن ابن سنان قال : قال أبو عبد اللّه : «إنّا أهل بيت صادقون لا نخلو من كذّاب يكذب علينا فيسقط صدقنا بكذبه علينا عند الناس

1.الحدائق الناضرة ۱ : ۱۶ بتفاوت يسير .

2.لم نعثر على نصّه ولكن مضمونه موجود في اختيار معرفة الرجال : ۵۹۳ / ۵۴۹ ؛ بحار الأنوار ۲۵ : ۲۸۷ / ۴۲ .

3.كما في الكافي ۱ : ۶۳/۱ ؛ الاحتجاج ۲ : ۴۴۷ ؛ بحار الأنوار ۲ : ۲۲۵/۲ .


الفوائد الرجاليّة
50

بعض الأخباريّة لشبهة حصلت لهم .
فربما يقال : إنّ وجه الحاجة إلى ذلك العلم أنّ من جملة تلك الأخبار القطعيّة لزومَ الرجوع إلى رواية الأعدل عند التعارض ، فلابدّ من الأخذ به لكونه قطعيّاً أيضاً ، والتعارض إنّما هو في أكثر هذه الأخبار .
ولكنّك خبير : بأنّ ذلك الإلزامَ إنّما يتمّ فيما لو كان ذلك العلاج في الأخبار القطعيّة ، وللخصم إنكاره بأنّ المعصوم إنّما بيّن علاج التعارض في جنس الأخبار ففي القطعي منها يجري سائر العلاجات من الأخذ بموافق الكتاب ومخالف العامّة ونحوهما ، وفي الظنّي منها يجري العلاج بأخذ قول الأعدل والأصدق ؛ وذلك لظهور مُفاد تلك الأخبار في الخبر الظنّي ، وإلاّ فلا يؤثّر الأصدقيّة في الخبر القطعي كما هو واضح .
فالصواب في ردّهم إبطال الصغرى كما سيجيء .

[ ردّ الأخباريّة في عدم الحاجة إلى علم الرجال ]

وللأخباريّة شكوك في إثبات عدم الحاجة على وجه السلب الكلّي قرّر بعضها أمينهم ۱ وبعضَها غير أمينهم ، وأتقنها صاحب الوسائل في أواخر المجلّد السابع منها . ۲
ولنذكر المعتمد من الشكوك حتّى يكون أُنموذجاً لما لم نذكره ، ويَقتدرَ الناظر من حلّه على حلّه ؛ فإنّ التصدّي لبيان هذه المقامات وكشف النقاب عن وجهها لعلّه واجب كي لا يغترّ الجاهل بهذه الشكوك .

1.أراد بقوله : «أمينهم» ملا أمين الاسترآبادي ، كما في هامش «ج» .

2.مـا ذكـره الماتن قدس سره كـان على أساس الطبعـة الـقديمة ، وأمّا الطـبعة الحديثة فـراجع : وسائل الشيعة ۳۰ : ۲۴۹ ـ ۲۶۷ .

  • نام منبع :
    الفوائد الرجاليّة
    المساعدون :
    رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1424ق / 1382ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 56616
الصفحه من 271
طباعه  ارسل الي