53
الفوائد الرجاليّة

وتوهّم أنّ إخبارهم بصحّتها يحتمل الحمل على الظنّ القويّ باستفاضة أو شياع أو شهرة معتدّ بها أو قرينة أو نحو ذلك ممّا يخرجه من محوضة الظنّ . مدفوع ؛ أوّلاً : بما سمعت من تصريح صاحب المنتقى والبهائي رحمه الله بكون الأخبار قطعيّة عند المتقدّمين . ۱
وثانياً : بما تضمّنه تلك العبارات ممّا هو صريح في صحّة الأخبار بمعنى القطع واليقين بثبوتها من المعصومين .
والقول بأنّ تصحيح ما حكموا بصحّته أمر اجتهادي لا يجب تقليدهم فيه ، ونقلَهم المدحَ والذمّ روايةٌ يعتمد عليهم فيها ، مدفوع بأنّ إخبارهم بكون الراوي ثقةً أو كذّاباً أيضاً أمر اجتهادي استفادوه من القرائن . ۲
وفيه أوّلاً : أنّ في أوّل الفقيه : «أنّي لم أقصد فيه قصدَ المؤلّفين في إيراد ما رووه بل قصدت إلى إيراد ما أُفتي به وأحكم بصحّته» ۳ ومن البيّن أنّ المؤلَّف المعروفَ قبل تأليفه كتابُ الكافي ، فيظهر من مقالته الطعن فيه .
وثانياً : أنّا نحصّل الجرح والتعديل بالنسبة إلى رواة أخبار الكافي والفقيه من رجال الشيخ والكشّي والنجاشي وبالنسبة إلى رواة أخبار التهذيبين من رجال الأخيرين ، فأين الإلزام بأنّى لهم به ؟ !
وثالثاً : بأنّ ذلك التصحيح منهم ممنوع ؛ فإنّ الموجود في الكافي : «أنّي أرجو أن يكون بحيث توخّيت» ۴ ، ورجاء الصحّة غير الحكم بالصحّة . وكون ذلك من باب هضم النفس غير معلوم ، ولا أقلّ من إيجابه تَزَلْزُلَنا في حكمه بالصحّة ولا أثر بذلك التصحيح في التهذيب .
نعم ، قال في الاستبصار : «إنّ من القطعي ما وافق الكتاب منطوقاً أو مفهوماً

1.منتقى الجمان ۱ : ۲ و۳ ؛ مشرق الشمسين : ۳۰ .

2.الحدائق الناضرة ۱ : ۱۶ و ۱۷ بتلخيص و تفاوت في بعض الألفاظ .

3.الفقيه ۱ : ۲ و۳ .

4.الكافي ۱ : ۹ .


الفوائد الرجاليّة
52

ـ إلى أن قال : ـ وكان أبو عبد اللّه الحسين بن عليّ قد ابتلى بالمختار » . ۱
وهذه الأخبار ونحوها موجودة في الكتب المعتبرة ، فما وجه ترجيح تلك الأخبار على هذه ، مع انّ المفروض أن لا تعارض بينهما فكلاهما من أسباب الإختلاف ، والحاجة إلى الرجال تُميِّز الصدوقَ عن الكذوب .
ثمّ إنّ العَرْض على الكتاب والسنّة من أحد وجوه العلاج . ولعلّ هذا الشيخ نسي سائر الوجوه التي منها الأعدليّة .
ثمّ إنّ ما وافق الكتاب والسنّة وإن كان ملازماً للصدق لكنّ المخالفة لا تستلزم الكذب ، وإلاّ لكان اللازم طرح جميع الأخبار المتخالفة التي في غاية الكثرة ؛ فتدبّر .
ثمّ إنّ طرح الأخبار الضعاف موافق لمنطوق آية النبأ . ۲
ثمّ إنّ العلاج ـ لمّا لا تعرّض له في الكتاب على نحو يصل إليه أفهامنا ـ ماذا ؟ ولا ينافيه عدم مغادرة الكتاب صغيرةً ولاكبيرة إلاّ أحصاها ۳ ، وكذا لا ينافيه بيان الإمام ، فإنّ الحيلة ـ فيما إذا شكّ أنّ هذا البيان من الإمام أم لا ـ ما ذا ؟
والثاني : أنّ التوثيق والجرح الذي بنوا عليه تنويعَ الأخبار إنّما أخذوه من كلام القدماء ، وكذلك الأخبار التي رويت في أحوال الرواة من المدح والذمّ ، فإذا اعتمدوا عليهم في مثل ذلك ، فكيف لا يعتمدون عليهم في تصحيحهم ما صحّحوه من الأخبار واعتمدوه وضمنوا صحّته كما صرّح به جملة منهم ؟ ! كما لا يخفى على من لاحظ ديباجتي الكافي والفقيه وكلامَ الشيخ رحمه الله في العُدّة وكتابي الأخبار ، فإن كانوا عدولاً في الإخبار بما أخبروا به ففي الجميع، وإلاّ فالواجب تحصيل الجرح والتعديل من غير كتبهم وأنّى لهم به؟!

1.اختيار معرفة الرجال : ۳۰۵ / ۵۴۹ .

2.المصدر : ۳۰۵ / ۵۴۹ .

3.الحجرات (۴۹) : ۶ .

  • نام منبع :
    الفوائد الرجاليّة
    المساعدون :
    رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1424ق / 1382ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 56895
الصفحه من 271
طباعه  ارسل الي