55
الفوائد الرجاليّة

دفع الإعتراض الأوّل ؛ فإنّ القرائن والأمارات واضحة على كون جملة من تلك الأخبار ظنّيّةً .
نعم ، يمكن كونها متواترةً ؛ لأخذها من الأُصول المتواترة ، لكن ذلك مجرّد احتمال ، والذي يحصل العلم به كون جملة منها على وجه الإجمال علميّةً . ومن البيّن أنّ ذلك لا ينفع في قطعيّة جميع تلك الأخبار المودعة في تلك الكتب الأربعة .
ثمّ إنّ الحقّ أنّ تصحيح ما حكموا بصحّته ونقلَهم المدحَ والذمّ من باب واحد ، وهو كونهما ۱ الأغلب من الأُمور الإجتهاديّة الحاصلة بالقرائن . والداعي على الفرق ـ مع كونهما في الأغلب من الأسباب المفيدة لظنّ صدق الرواية ـ أنّ الحكم بالصحّة على وجه العموم ، والحكمَ بعدالة الراوي على وجه الخصوص ؛ فأحد الحكمين على وجه النصوصيّة ، والآخر على وجه الظهور ، ولا يترك النصّ بالظهور .
ويضعّف ذلك الظنّ بملاحظة أنّ الصدوق ـ الذي كلامه صريح في الحكم بالصحّة ـ لم يَرْوِ في كتابه جميع ما رواه الكليني في الكافي وكذا بالعكس ، وكذا الكلام في التهذيبين بالنسبة إليهما ، فما أجمعوا على روايته لعلّ الظنّ فيه أقوى من الظنّ الحاصل من تصحيح السند .
وأمّا ما اختلفوا فيه فليس الظنّ فيه حاصلاً إلاّ من تصحيح السند وملاحظة وثاقة الرواة في الأغلب ، إلاّ أن يكون السند الضعيف منجبراً بالشهرة .
وبالجملة : نحن أيضاً ندور مدار القرائن التي توجب الإعتماد على الرواية والوثوق بصدورها من المعصوم ، وذلك ممّا لا يحصل لنا غالباً في ما اختلفوا في نقله في كتبهم إلاّ بالرجال .

1.في «ب» إضافة : «في» .


الفوائد الرجاليّة
54

وما خالف العامّة» . ۱
لكن لاريب أنّ ذلك لا يوجب القطع بالصدور والحكمَ به .
وأمّا العُدّة فليست حاضرة عندي ، وقال بعضهم : إنّي تصفّحت العُدّة ، فلم أجد ما نسب إليها من القول بأنّ كلّ ما أعمل به فهو صحيح .
ورابعاً : سلّمنا صراحة حكمهم بالصحّة ، لكنّ الشأن في أنّ المراد بالصحّة ماذا ؟ فإن كان المراد بالصحيح ما كان قطعيَّ الصدور ، فدون إثباته خَرْطُ القَتاد ، ولاسيّما بعد ملاحظة ما نقلناه من الاستبصار .
ونقْل الفاضلين السابقين لاصراحة فيه على ذلك ، ومع الصراحة لا حجّيّة فيه.
وإن كان المراد ما كان معتمداً كما هو الظاهر ، سواءٌ كان الصدور قطعيّاً أو ظنّيّاً فنشكّ في كلّ خبر أنّه من أيّهما عندهم والقدر المتيقّن كونه ظنّيّاً عندهم ، وذلك لا يلازم الظنّيّة عندنا . سلّمنا التلازم ، لكن من وجوه الترجيح عند التعارض الأخذ بقول الأعدل .وكذا الكلام إن كان المراد قطعيَّ الحجّيّة كما يظهر من الاستبصار .
مضافاً إلى أنّ العمل بقولهم : «يجب العمل بهذه الأخبار» إن كان من باب التقليد فعدم جوازه ظاهر ، أو من باب الشهادة فمن البيّن أنّ محلّها الموضوعات كالشهادة على أنّ هذا مال زيد ، وأمّا أنّ ذلك واجب العمل فلا .
سلّمنا ، لكنّ الشهادة لابدّ أن تكون بإخبارٍ جازم ، والمقرّر في محلّه أنّ شهادة الفرع بواسطة أو وسائطَ غيرُ مسموعة ، ولا إخبار في المقام إلاّ بالكتابة التي يحتمل فيها ألْف احتمال . والشهادة العمليّة في اعتبارها ألْف كلام . وشهادة الفرع بعد كونها بوسائطَ غيرُ معتبرة جزماً .
لا يقال : فكيف الإعتبار بالمدح والذمّ؟! لأنّا لعلّنا سنشير إلى أنّ اعتبارهما ليس من باب الرواية والشهادة ، بل من باب الظنون الإجتهاديّة . فاندفع

1.الاستبصار ۱ : ۳ و۴ .

  • نام منبع :
    الفوائد الرجاليّة
    المساعدون :
    رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1424ق / 1382ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 56901
الصفحه من 271
طباعه  ارسل الي